الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قلة الجودة أو رداءة السلعة تعتبر غشًا

السؤال

أريد أن أسأل عن حكم مالي وماذا علي لو كان حراما؟.
لدي مشروعي الخاص، حيث أبيع بعض الملصقات النسائية للزينة، وقد مر المشروع على فترتين.
الفترة الأولى: كانت جودة الملصقات رديئة، حيث ما تلبث أن تزول بسرعة عن الجسم، وقد ابتكرت طريقة لثباتها، لكني لم أخبر الزبونة بأن فيها هذا العيب، كنت أخبرها فقط بالطريقة المناسبة كي تثبت، أيضا بعض هذه الملصقات قد تتلف قبل الاستخدام، لكن لا أستطيع أن أتنبأ بذلك؛ لأن بعد الفراغ من صنعها لا يمكن فتحها إلا للزبون، فصعب علي أن أتثبت أو أراجع، كذلك هذه الملصقات غراءها سميك إذا ما اتبعت خطوات التثبيت قد يلتصق بها بعض الغبار أو الأوساخ مما يسبب زوالها بسرعة، لكني أخبر الزبونة بعد الشراء بهذه الخطوات كي تتجنب هذا الشيء، وكنت أضيف لأغلب الزبائن ملصقات زائدة كي تجربها الزبونة قبل استخدام التي اشترته، غير أني أخفض سعر المنتج عن أي سعر في السوق حتى بزيادة الكمية أو عمل تصميم لأني أعلم بعيبه "كالمنتجات الصينية".
70% من الزبائن تقريبا لم يشتكوا ولم يمدحوا، والفريق الباقي نصفه أخبرني بعيبها، والنصف الآخر امتدحها ولم يذمها.
كان ضميري يؤنبني بأن فعلي فيه شيء من الحرمة، لكني لا أعلم حقا هل هو فعلا حرام أم حلال؟ أو أن فيه نوعا من الغش لأن هذه بضاعتي فإذا رغبت اشترتها أو لا تفعل ولم أمدحها، لم أعلم بأن هذا قد يدخل في التدليس أم لا .
وقد كنت أبعث باستبيان إلكتروني للزبائن، يتضمن عدة أسئلة ومنها جودة هذه الملصقات، لكن لم يجاوب عليه غير 6 من العملاء، وكانت الإجابات جيدة نوعا ما، واثنان ذكروا هذا العيب في الملاحظات.
السؤال هنا: هل مالي حرام؟ لأني لم أخبر الزبونة بهذا العيب قبل الشراء؟
وهل أرجع هذا المال لأصحابه؟ أم أكتفي بالصدقة عنهم به؟. أخاف من كذبهم إذا سألتهم بإرجاع مالهم؛ لأني قد سألت البعض عنه فقال إنه جيد لا بأس به بل ممتاز، وللذين اشتكوا وأعرفهم بعينهم عملت لهم منتجا جديدا، غير أن هذا قد يسيء لسمعتي، فأنا لا أستطيع التثبت من صدقهم أو عدمه.
الفترة الثانية: حسنت جودة الملصقات بفضل الله، وكانت طريقة عرضي للبضاعة بتصويرها وعرضها في برنامج الانستغرام، و كنت أضيف بعض التأثيرات على الصورة كي تظهر بأفضل شكل، ولم أكن أعلم أني بذلك أخفي عيبا وهو وجود لمعه على الملصق تبين أنه ملصق مثل اللصق ـ كنت أحسبه شيئا طبيعيا ـ وكنت أبيع ومستمرة في التصوير بنفس الطريقة، وكان العملاء يمتدحون المنتج ويشترون أكثر من مرة، إلا أني استوعبت هذا العيب حيث إنه مخالف لما يوجد في الأسواق وهو عدم وجود اللمعة، وفي خلال هذه الفترة اشتهرت وكثرت مبيعاتي بفضل الله، وجاءتني زبونة تقول بوجود اللمعة وهو مخالف عما شاهدته في الصور، قلت لها: إنها تظهر عند توجيه الإضاءة وستختفي بمرور الوقت، بعد ذلك بكم يوم ـ وكانت تأتيني حوالات ـ نزلت فيديو قاصدة إظهار هذه اللمعة، لكن يظهر بأني لم أوفق فقد جاءتني زبونة أخرى تشتكي من نفس الشيء، فرجعت وصورت من جديد حتى أظهرت هذا العيب قصدا.
السؤال هنا: هل كل ما جنيته من مال في الفترة الثانية حرام ويعتبر غش للزبون؟ وهل أرجع جميع ما اكتسبته لأصحابه ـ حتى الراضين منهم ـ حيث إني لم أظهر هذا العيب في الصور قبل شرائهم، أو هل أرجع المال فقط للزبونتين اللتين اشتكتا؟ وعندما أخبرتهم بأنها ستزول مع الوقت وهذا تأثير الإضاءة رضوا ولم يعلقوا، مع العلم أن بقية الزبائن راضون، وبعضهم اشترى مني أكثر من مرة، و قد سلكت نفس المنهج في إرسال استبيان إلكتروني، و لم أجد غير الرضا، ولله الحمد.
أرجو إفادتي بالإجابة على هذين السؤالين، فأنا أعيش في هم حين أتذكر هذا الموضوع, وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيحمد لك تحريك للحلال وخشيتك من الحرام، وفي ذلك خير لك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم. فالصدق في البيع واجب، وسبب في الخير والبركة، والكذب والغش حرام، وسبب في محق البركة.
وأما ما سألت عنه فالظاهر أنه لا غش فيه؛ لأن قلة الجودة أو رداءة المبيع لا تعتبر عيبا، ولا يلحق البائع مسؤولية عنها إلا إذا اشترط في العقد فتدخل ضمن أحكام فوات الوصف، وهذا ما لم يحصل كما هو ظاهر من سؤالك، وأنت لم تصفي المنتج بغير ما هو عليه، وبالتالي لم تغشي المشتري بأنها قد تلبث طويلا، أو أنها مثل اللزقات الجيدة التي تلبث طويلا، ولم تصفيها للمشتري بغير ما هي عليه، والمشتري رضيها بحالها فلا غش في هذا ولا تدليس.

وعرض صورة الملصق والشراء على الوصف يثبت للمشتري خيار الرؤية، فبعد مشاهدة المنتج إن وجده على غير الصفة فله رده، ومن رضي من المشترين بالمنتج فلا حرج في ذلك، ولا يلزمك التصدق بشيء عنهم، بل احرصي كل الحرص على ألا تصفي بضاعتك بأوصاف ليست فيها وترويجها على أنها ذات جودة عالية وهي رديئة ونحوذلك مما يلبس على المشتري ويخدعه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني