الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسلفني أسلفك...رؤية شرعية

السؤال

في سورية بدأت ظاهرة بالانتشار وهي إذا كان لديك500 ألف ليرة وتريد شراء بيت بمبلغ مليون ليرة تضع هذا المبلغ في البنك لمدة 6 شهور وبعدها يعطيك البنك مليون ليرة وتسدد مبلغ 500 ألف ليرة على أقساط ميسرة ما حكم ذلك هل هذا حلال؟ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فحقيقة هذه الصفقة -حسبما فهمناه- أنها داخلة ضمن ما يعبر عنه الفقهاء بمسألة: أقرضني أقرضك، أو أسلفني أسلفك.
وذلك أن البنك يشترط على المقترض أن يقرضه أولاً خمسمائة ألف ليقرضه هو خمسائة ألف أخرى عندما يرد إليه الخمسمائة التي اقترضها منه.
وقد نص جمع من الفقهاء على عدم جواز مثل هذه الصفقة، وإليك بيان ذلك في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ب- (الصورة الثانية) 31- إذا اشترط في عقد القرض قرض آخر من المقترض لمقرضه في مقابل القرض الأول، وتسمى هذه المسألة عند الفقهاء بـ: أسلفني أسلفك، فقد نص الحنابلة على عدم جواز ذلك، وعلى فساد هذا الشرط مع بقاء العقد صحيحاً، لعدم تأثير الشرط الفاسد على صحة العقد في مذهبهم.
والذي يستفاد من كلام المالكية حول هذه الصورة هو كراهة القرض مع ذلك الشرط، ونص الحنفية على حرمة الشروط في القرض، قال ابن عابدين: وفي الخلاصة القرض بالشرط حرام، والشرط لغو.

تنبيه : ما نسبته الموسوعة إلى المالكية فيه نظر ، والتحرير أنه لا خلاف عند المالكية أن من أسلف شخصا بشرط أن يسلفه أن ذلك حرام ، وإنما كره بعضهم معاملة أدت إلى ذلك بلا قصد قال الحطاب : ولا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك. وقال عليش : ولا خلاف في منع أسلفني وأسلفك . وعليه فيكون المالكية مع الحنابلة والحنفية في تحريم أسلفني وأسلفك.
والراجح -والله تعالى أعلم- هو ما ذهب إليه الحنابلة من عدم الجواز، وذلك للنفع الواضح الذي سيحصل عليه كل من قرضه، ومعلوم أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا.
وهنالك علة أخرى للمنع تخص مسألة السائل: وهي أن المال الذي ستقرضه للبنك سيكون عوناً له على تنفيذ استثماراته الربوية، ولا يخفى ما في ذلك من المخالفة لأمر الله تعالى في قوله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2].
فاتق الله أيها السائل الكريم وأمر غيرك بالتقوى، وابتعدوا جميعاً عن مثل هذه المعاملات التي أقل ما يقال فيها: إنها من الأمور المشتبهات التي على المرء أن يستبرئ فيها لدينه وعرضه كما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني