الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيير صيغة العقد من التعاون على الإثم والعدوان

السؤال

منذ حوالي 4 سنوات، باع والدي دكاناً (محلاً) لزوج عمتي، بمبلغ 15000 جنيه، تم تقسيط 5000 جنيه. وكنت أنا الشاهد الوحيد على عقد البيع، الذي وقعت عليه، ثم توفي والدي، وبعد فترة وجيزة توفي زوج عمتي، وورثته هم والدة زوج عمتي، وهي امرأة طاعنة في السن، وعمتي، وابن، وبنتان بالغتان. قامت عمتي وأبناؤها بسداد بقية المبلغ المقسط، حتى تم دفع المبلغ كاملاً، وبعد ذلك طلبوا (عمتي وأبناؤها) مني بأن يتم تغيير صيغة العقد الذي تم به البيع، بحيث يكون الطرف الثاني (أو المشتري) في العقد هم بنات عمتي الاثنتان، بدلاً من زوج عمتي المتوفى، فرفضت؛ لأنه كنتيجة متوقعة لهذا يتم حرمان والدة المتوفى من ميراثها في الدكان، وهو ما يجعلني مشاركا في إثم، وقد قالوا (عمتي وأبناؤها) لنا أن فلوس الدكان التي دفعها زوج عمتي --رحمه الله-- هي في الأصل فلوس البنات، أخذها منهن واشترى الدكان لصالحهن، ولكنه كتب الدكان باسمه حتى يقوم بإجراءات التسجيل، وإدخال الماء والكهرباء، وحسبما يقولون فإن أعمام وعمات أبناء عمتي متنازلون عن حقهم في ميراث والدتهم؛ لأنها غير محتاجة لهذا الميراث؛ لأنها تقبض معاشاً يكفيها، كما أنهم قالوا لنا إنهم لم يخبروها بوفاة ابنها خوفاً عليها، وقالوا لأحد أقربائنا حسبما حُكي لي بعد ذلك، أنهم أخبروها بوفاته، ولكنها نسيت فسألت عنه مرة ثانية فقالوا لها إنه سافر، أو شيء من هذا القبيل.
وقد ترتب على رفضي لتغيير صيغة العقد، وجود فتور في العلاقة بيننا أخشى أن تتطور إلى قطيعة، كما أنني أريد أن أساعدهم بدون أن أقع في محذور شرعي، وقد حاولت ذكر جميع التفاصيل بقدر استطاعتي ليتضح الأمر أمامكم.
فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك تغيير صيغة العقد ليكون المشتري غير العم المتوفى؛ لما قد يترتب على ذلك من حرمان أمه، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}. وإذا كان العم إنما اشترى لهن من مالهن، فليثبتن ذلك بالبينة لا بمجرد الدعوى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يُعطَى الناس بدعواهم، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه الترمذي والبيهقي.

وسبيل إثبات الحقوق، والتنازع عليها القضاء الشرعي.

وأما موقفهن منك بسبب امتناعك: فحسبك أن ترضي ربك ولو سخط عليك الناس، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه.

ونوصيك بنصحهن، وبيان الحق لهن برفق، وحكمة نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني