الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا طاعة للوالدين فيما فيه ضرر على الولد

السؤال

تحية طيبة، وكلمة شكر لا توفي قدركم؛ لما تقدمونه من خير ونصح، وشرح سهل وبسيط ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيكم خير جزاء عن هذه الفتوى، والعلم الذي ينتفع به الكثيرون.
فأنا عندي مسألة أريد أن آخذ برأيكم، ونصيحتكم فيها.
موضوعي هو أني متزوج منذ أحد عشر عاما، ولله الحمد، ورزقني ربي والحمد لله بخمسة أطفال: ابنين، وثلاث بنات، ولله الحمد والشكر.
فنظرا للقمة العيش سافرت أبحث عن لقمة العيش مثل كثيرين، ولله الحمد رزقني ربي خير رزق، ومنَّ علي بفضله، وأعطاني رزقا حلالا، وأكرمني بعمل جيد، وسكن جيد ولله الحمد، ولكن كان شرط العمل أن تكون إجازتي خمسة عشر يوما في العام فقط، نظرا لأهمية العمل، وضغوطه، ومسؤوليته؛ فوافقت، واستمر العمل لمدة ست سنوات، وفعلا كل عام آخذ إجازتي، ولكن بعد غياب عام لا تكفيني هذه الأيام القليلة لأشبع من أهلي، وأولادي ولا زوجتي. فبعد مدة بقيت أنزل كل عامين، ولكن بقيت نفس المشكلة، فقررت أن آخذ زوجتي وأولادي معي، فظهرت عندي مشكلة أبي وأمي فإنهما يعيشان مع زوجتي فأنا ليس لدي إخوة، فعرضت الموضوع على أبي وأمي كي آخذ زوجتي وأولادي زيارة كل عام ثلاثة أشهر، فجوبهت برفض شديد، ولكن زوجتي قالت لي: أنا معك في أي مكان تريد أن أكون فيه، وأبي قال لي سوف أحرمك مدى الحياة لو فعلت هكذا، وأمي قالت ونحن لمن تتركنا؟ ومن يأخذ باله منا؟ فعرضت عليهما أن أُبقي معهما الولد والبنت الأكبر سنا، وآخذ الثلاثة الصغار، فرفضا أيضا. حاولت إقناعهما أن كل الأمر ثلاثة أشهر فقط، فرفضا رفضا قاطعا.
فهل أكون بهكذا ظلمت نفسي، وزوجتي وأولادي وحرمتهم مني، ومن عطفي، ورعايتي لهم؟ وهل لو أخذت قرارا بأن آخذهم ثلاثة أشهر وأترك الأولاد الكبار مع أبي وأمي أكون ظلمت الأطفال الكبار؟ وهل لو تركت أسرتي جميعهم مع أهلي تكريما، وبرا بهم، ومراعاة لخوفي من الله أن أغضبهم، ولكن ماذا لو استمر الوضع كما هو مع أهلي وزوجتي، وأخذت قرارا بزواجي من أخرى في البلد الذي أنا فيه يكون علي ذنب من ناحية العدل بين الزوجة الأولى، والثانية.
فكيف أحقق العدل وأنا أعمل في بلد ومتزوج في بلد آخر؟ ولكني أفضل أن لا أخبر الزوجة الأولى بالزواج الثاني احتراما لها، ولمشاعرها.
فهل علي ذنب فيما سوف أفعل؟ وهل أكون ظالما للزوجة الأولى إذا فعلت هذا؟
أنا لن أفعل شيئا قبل أن تصلني فتواكم، وردكم فإذا كان فيه ولو شبهة بسيطة أن يكون علي ذنب، فسأترك الأمر كله؛ وإذا لم يكن علي ذنب فسأتوكل على الله وأستمر في أحد الطريقين: إما أن آتي بزوجتي وأولادي كلهم، أو أترك بعضهم مع أهلي، أو أتزوج بثانية بدون علم الزوجة الأولى.
وأعتذر منك عن الإطالة، فهذا فقط لتوضيح الأمر حتى يأتي منكم رد وافي.
ولكم جزيل الشكر والتقدير والاحترام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق بيان حكم استقدام الزوجة عند معارضة الوالدين، فراجع الفتويين: 9035، 111519، وطاعة الوالدين إنما تكون في المعروف، وليس من المعروف ما يكون فيه ضرر على الولد وأهله. ومن هنا وضع العلماء قيودا لوجوب طاعة الوالدين بيناها في الفتوى رقم: 76303، فراجعها للأهمية.

ولا ريب في أنه مهما أمكن إقناعهما كان أولى، وإن لم يقتنعا وغضبا لمخالفة ولدهما لهما، فينبغي أن يجتهد في محاولة كسب رضاهما.

وأما الزواج من ثانية، فليس فيه ظلم للأولى إن كنت ستعدل بينها وبين زوجتك الأخرى، وهذا العدل واجب ولو مع اختلاف البلدين، كما أوضح ذلك الفقهاء؛ وانظر فيه الفتوى رقم: 56440.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني