الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المبتلى بالوسوسة في الصلاة يبني على الأكثر مهما طال أوان الوسوسة

السؤال

كنت قد سألت سؤالاً قبل فترة وقد أحلتموني على أسئلة أخرى لم أر فيها الشبه من سؤالي.
فأرجو الإجابة عليه مأجورين لأهميته بالنسبة لي جعلها الله في موازينكم.
الشكوك تأتيني في كل صلاة تقريبا إما بالفاتحة أو التكبير أو التسبيح ويوميا، فأخذت بقول أن أبني على الأكثر لمجيئها في كل فرض صلاة ويوميا، وسأكمل سنة تقريبا على هذا الحال، ولكني تعبت من البناء على الأكثر فأصبح ضميري يؤنبني خوفا من تقصيري بالفعل بالصلاة بركن أو واجب أو ذكر وأنا أقوم بالبناء على الأكثر فيها.
سؤالي هو: هل أستمر بالبناء على الأكثر مهما طالت المدة؟
أفتوني جزاكم الله حسن البصيرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبناؤك على الأكثر صحيح، كما بينا بالفتوى رقم: 172599، ولا تلتفتي إلى هذه الوساوس، ولا تأنيب الضمير؛ فقد بنيت فعلك على جواب أهل العلم الذين فرض الله عليك سؤالهم؛ قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ [النحل: 43، 44].

وطالما أنك فعلت ما أُمرتِ به؛ فأنت محسنة، ولا شيء عليك، قال تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة:91}، .

ونوصيك بالعمل بما أفتيناك به من عدم الالتفات إلى ذلك، وعدم القضاء، قال ابن تيمية: والاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط. انتهى.
ونوصيك بوصية نافعة ـ إن شاء الله ـ للشيخ محمد المختار الشنقيطي: والمنبغي على من ابتلي بالوسوسة أن يلزم أمرين هامين، فيجعل الله بهما فرجاً ومخرجاً: أولهما وأعظمهما: ذكر الله عز وجل وكثرة الدعاء، والاستعاذة بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم، فذكر الله سواء بالاستعاذة أو بالدعاء، أو بأذكار الصباح والمساء، لا شك أنه أعظم وأنجح وأفضل ما يكون للموسوس، حتى إنه لو وجد الوسوسة مع هذه الأذكار فليعلم أنه لا يقول الأذكار بحضور قلبٍ وقوة يقين، فيؤتَى من نفسه، فيرجع إلى نفسه ويقوي يقينه بالله؛ لأن الإنسان إذا ابتلي بالوسوسة يحرص كل الحرص على أن يجعل الوسوسة أكبر من الله عز وجل ـ والعياذ بالله ـ، ويعتقد أنها ليس لها حل ولا علاج، ولذلك تجد من تسلطت عليه الوسوسة في مثل هذه الحالة قد بلغ إلى درجة اليأس، وقد تسلط الشيطان على قلبه ـ والعياذ بالله ـ؛ لكن إذا ظن في قرارة قلبه أن الله أكبر من هذا، وأن الله أعظم من هذا، وأن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، فإن الله سيجعل له فرجاً ومخرجاً... أما الأمر الثاني الذي يوصى به من ابتلي بالوسوسة: فأن يرتبط الموسوس بطالب علم أو بشيخ، ولا يفتي نفسه، فإذا أفتاه ذلك العالم، أو من عنده علم وبصيرة فليعمل بفتواه ولا يلتفت إلى أي شيء سواه. ... فعليه أن يتقبل الفتوى بصدرٍ منشرح؛ لأنه بين الشيطان وبين العالم، فإما أن يصدق الشيطان وإما أن يصدق العالم، فإن صدق الشيطان استهوته الشياطين ـ والعياذ بالله ـ، فأصبح حيران في الأرض، ولذلك تجد من يبتلى بالوسوسة ويرتبط بالعلماء يكون أمره أرحم وأخف من الذي لا يرتبط بأهل العلم، النقطة الثالثة: أن يكون عند الموسوس شعور أن ما أفتاه به العالم هو الذي عليه العمل ولو كان الأمر على خلافه، أي: لو أنه سأل وما تذكر عند السؤال إلا هذا الأمر وسأل العالم عن هذا الأمر وأفتاه وقال له: زوجتك حلال، فهي حلال؛ لأنه ما تذكر الموسوس شيئاً آخر فليس بملزم، ويكون العمل على هذه الفتوى حتى يتبين ما يناقضها ويخالفها. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني