الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يصح أن يقال إن الوقت يخرج بمجرد سماع أذان الصلاة الموالية

السؤال

هل كلامي صحيح إن قلت إن خروج وقت صلاة: الظهر، والعصر، والمغرب، يكون بسماع أذان الصلاة التالية، أي في وقت أذان الصلاة التي تليها.
هل قولي هذا صحيح؟ باستثناء طبعا الصبح، أو الفجر، فوقت خروجه عند الشروق، وأما العشاء فأقصى وقت لخروجه- كما علمت من الموقع- هو الثلث الأخير من الليل، لكن في بداية الثلث الأخير، أم نهايته يخرج وقت العشاء، أم عند سماع أذان الفجر؟ وهل نهايته (أي الثلث الأخير) تكون عند أذان الفجر، أم شروق الشمس؟
قرأت أن الأوقات هي بالنظر للشمس، والآن تطور العلم، وأصبحت هناك نتيجة السنة، والتي فيها الشهور، ومواقيت الصلاة متنبئين بتغيرها يوما بعد الآخر لا أعرف كيف! لكن العالم كله يمشي عليها حسبما أعرف.
أرجو إذا سمحتم أن تكون الإجابة في هذا النطاق (نطاق ما طرحت من أسئلة، وجعل ربطها بالمواقيت التي نتعامل بها حاليا) كي أفهم أكثر. وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا عن أسئلتك يتلخص فيما يلي:

1- أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على تلك الأوقات، فإن حصلت أي علامة منها، فقد دخل الوقت الذي جعلت له تلك العلامة سواء حصل الأذان أو لم يحصل، سمع، أو لم يسمع، وهذه العلامات مبينة في فتاوى كثيرة انظر منها الفتوى رقم: 125299، ورقم: 13740.

2- لا يمكن أن نقول إن الوقت يخرج بمجرد سماع أذان الصلاة الموالية؛ إذ من المعلوم أن المؤذن قد يؤذن عند دخول الوقت، وقد يُخطئ فيؤذن قبله.

ولكن نقول إن الظهر، والعصر، والمغرب، وكذا العشاء على قول، يخرج وقتها بدخول وقت الصلاة الموالية لها، فيأثم من أخرها بلا عذر حتى دخل وقت الصلاة التي تليها.

وهذا لا ينفي أن هناك صلوات تشترك في الوقت عند الضرورة، وتسمى مشتركتي الوقت، كالظهر، والعصر، وكالمغرب، والعشاء.

جاء في العرف الشذي للكشميري: واشتراك الوقت ثابت عن بعض السلف كما قال الطحاوي، وثابت عن الأئمة الثلاثة من أحمد، والشافعي، ومالك بن أنس، وقال الشافعي: من طهرت في آخر العصر يلزمها قضاء الظهر والعصر، ومن طهرت في آخر العشاء، يلزمها قضاء المغرب والعشاء فلا بد من أن يقول باشتراك الوقت، وإلا فكيف يوجب قضاء الوقتين. اهـ.

لكن الاشتراك هنا لا يعني جواز تأخير صلاة الظهر إلى وقت العصر، أو تأخير المغرب إلى وقت العشاء لغير عذر، بل الواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، ويحرم تأخيرها عنه لغير عذر، كما تقدم.

وعليه، فثمرة القول بالاشتراك إنما تظهر عند العذر.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وَلِهَذَا كَانَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي آخِرِ النَّهَارِ صَلَّتْ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَإِذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، صَلَّتْ الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي حَالِ الْعُذْرِ، فَإِذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ النَّهَارِ فَوَقْتُ الظُّهْرِ بَاقٍ فَتُصَلِّيهَا قَبْلَ الْعَصْرِ. وَإِذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَوَقْتُ الْمَغْرِبِ بَاقٍ فِي حَالِ الْعُذْرِ؛ فَتُصَلِّيهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ الْمَوَاقِيتَ تَارَةً خَمْسًا، وَيَذْكُرُهَا ثَلَاثًا تَارَةً ... اهـ.

3- من العلماء من يرى أن للصلاة وقتين: اختياري، وضروري، ويحرم عندهم تأخير الصلاة عن الوقت المختار لغير عذر، ومنهم من زاد في تفصيل ذلك فرأى لبعض الصلوات أوقات ضرورة كالعصر، والعشاء ولبعضها الآخر أوقات جواز كالفجر، والظهر، والمغرب.

قال المرداوي في الإنصاف عن الفجر: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ، بَلْ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَجَوَازٍ، كَمَا فِي الْمَغْرِبِ وَالظُّهْرِ. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 197593.

4- وقت العشاء ينتهي بطلوع الفجر عند الأئمة الأربعة، ولكن ما بعد الثلث الأول هو وقت ضرورة، أو جواز على ما تقدم تفصيله آنفا، وقيل يمتد مختارها إلى نصف الليل، وقيل إلى طلوع الفجر، وقد فصلنا كل هذه الأقوال في الفتوى رقم: 71957.

5- تقول: والآن تطور العلم، وأصبح هناك نتيجة السنة، والتي بها الشهور ومواقيت الصلاة متنبئين بتغيرها يوما بعد الآخر لا أعرف كيف ! لكن العالم كله يمشي عليها حسبما أعرف.

فالجواب أنك تشير إلى مسألة التقويم، وحكم الاعتماد عليه في معرفة مواقيت الصلاة، وقد سبق لنا الكلام عن ذلك في فتاوى عدة، فلتراجع منها الفتوى رقم: 126606.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني