الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلتزم المرأة بالستر ولو خالفت رغبة أبويها

السؤال

والداي لم يتركاني أرتدي الحجاب الشرعي، وأنا الآن محجبة، ويشتريان لي ملابس لست مقتنعة بها ولا راضية عنها، ودائما أدعوا لله ألا يراني بها الأولاد في الشارع والمعهد، وأنا أخشى أن أغضب الله، والآن ماذا أفعل؟ فإني لم أرتد الحجاب الشرعي ليس لأني أحب ذلك أو أحب أن أفتن الأولاد، بل أنا دائما أدعو وأتمنى ألا يروني، ولست أطيع والدي ولكنهم لا يعطوني لأشتري الملابس الشرعية، وحتى ملابس أمي الشرعية صارت تمنعني عنها، ولا يتركاني ألبس الملابس الشرعية، هل يسمى شركا أو اتباعا للهوى؟ وهل ذلك شرك؟ وقد قرأت أنه لا طاعة لمخلوق في عصيان الله، بالرغم أني لست مقتنعة بما أنا فيه ولا راضية عنه، ودائما أكره نفسي بتلك الملابس وأستحي بها، ووسواسي يقول لي: إن ذلك يسمى شركا، وأعاني وأستغفر وأبكي وأشتاق لإكمال حجابي، وأرافق الصالحات، وأحلم بإكمال حجابي، ووسواسي يتهمني بالشرك، هل صحيح؟ فسر لي هل يسمى شركا؟ (لا طاعة لمخلوق في عصيان الله) أو اتباعا للهوى، وهل يسمى شركا؟ وأنا لا أطيعهم ولا أهوى ما أنا فيه، وقد سردت لك قصتي، أرجوك أفتني وأجبني إجابة شافية لوسواسي، ودلني عن عمل صالح أعوض به عن عدم لبسي للحجاب الشرعي، مع العلم أني محجبة لكن حجابي ناقص.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس في هذا شرك بالله تعالى، فإن الشرك أن يجعل الإنسان لله ندا يصرف إليه شيئا من العبادات التي لا تجوز أن تصرف إلا لله، قال تعالى: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:22}، وقال أيضا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ {البقرة:165}، وفي الحديث عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك... الحديث. رواه البخاري ومسلم. وأما اتباع الهوى فقد فصلنا القول في حكمه في الفتوى رقم: 150461. فاطردي عنك الوساوس ولا تلتفتي لأي خواطر شيطانية من هذا الجانب.

والحجاب فريضة يجب على المرأة المسلمة الالتزام به، وقد أوضحنا أدلة وجوبه في الفتوى رقم: 63625، فابذلي جهدك في محاولة إقناع والديك بالموافقة على لبسك الحجاب، واستعيني عليهم بالدعاء، ثم بمن ترجين أن يكون لقوله تأثير عليهما، فإن اقتنعا فالحمد لله، وإلا فالتزمي بالستر وإن رفضاه، بل وإن اقتضى الأمر تركك الدراسة، وعدم الخروج من البيت إلا لضرورة، فلا طاعة للوالدين في معصية الله، وراجعي الفتوى رقم: 63625، والفتوى رقم: 127762، وللحجاب الشرعي مواصفات أوضحناها في الفتوى رقم: 6745، فأي لباس يختل فيه أحد هذه الشروط لا يعتبر حجابا شرعا.

ونوصيك بالبر بوالديك على كل حال، فإساءتهما لا تسقط وجوب برهما والإحسان إليهما، كما بينا بالفتوى رقم: 103546.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني