الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من استعان بالأجهزة الحديثة لتحديد القبلة ثم ظهر خطؤه

السؤال

رجل مسافر وكان يصلي لغير القبلة، وكان قد اجتهد في معرفة القبلة عن طريق ساعة الفجر، فهل يعد ذلك اجتهادا يعذر فيه؟
وإن لم يعذر هل يقضيها كأنه مسافر أم أنه مقيم؟!
رفع الله قدركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن لم يمكنه أن يستدل على جهة القبلة بالنظر إلى أحد المحاريب المنصوبة في البلد، أو بسؤال من يعرف القبلة، فإنه لا حرج عليه في الاعتماد على الوسائل الحديثة لتحديد القبلة كساعة الفجر وساعة العصر، فقد رأى بعض أهل العلم المعاصرين جواز الاستعانة بها في تحديد اتجاه القبلة لمن يحسن استخدامها، وقالوا إنه ربما يتعين العمل بها، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: أما الوسائل لتحديد القبلة فقد حدثت الآن آلات ـ ولله الحمد ـ تدل الإنسان، آلات مرقمة بأرقام معينة، وآلات مركبة على خطوط الطول والعرض وغير ذلك، ومن أحسن ما رأيت ساعة تسمى ساعة العصر تدلك على أوقات الصلاة وعلى القبلة لكن لها برنامج يحتاج الإنسان إلى معرفته كي تدله على القبلة. اهــ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا ثبت لدى أهل الخبرة الثقات من المسلمين أن جهازا أو آلة تضبط القبلة وتبينها عينا، أو جهة لم يمنع الشرع من الاستعانة بها في ذلك وفي غيره، بل قد يجب العمل بها في معرفة القبلة إذا لم يجد من يريد الصلاة دليلا سواها. انتهى.

وعلى هذا؛ فإذا لم يجد ذلك الرجل طريقة يستدل بها على اتجاه القبلة أوثق من الساعة المشار إليها، واستعملها في معرفة اتجاه القبلة ثم بان خطؤه، فلا تلزمه الإعادة؛ لأنه فعل ما يقدر عليه، قال المرداوي في الإنصاف: وَمَنْ صلى بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فَلَا إعَادَةَ عليه، هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ... اهــ
وقال أيضا فيمن تعذر عليه الاجتهاد: لَوْ تَحَرَّى الْمُجْتَهِدُ أَوْ الْمُقَلِّدُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ جِهَةٌ، أَوْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ كَانَ بِهِ مَا يَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ، أَوْ تَفَاوَتَتْ عِنْدَهُ الْأَمَارَاتُ، أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ زَمَنٍ يَجْتَهِدُ فِيهِ: صَلَّى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، حَضَرًا أَوْ سَفَرًا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ يُعِيدُ. اهــ
وإن أعاد الصلاة مراعاة لمن يوجب الإعادة مطلقا عند تبين الخطأ فهذا أحوط وأبرأ للذمة، والأحوط أيضا أن يعيدها تامة غير مقصورة، وانظر الفتوى رقم: 115665، عن كيفية إعادة الصلاة التي صليت قصرا، والفتوى رقم: 152821، عن مذاهب العلماء فيمن صلى لغير القبلة خطأ، ومثلها الفتوى رقم: 115974، عن الخطأ في تحديد القبلة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني