الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثبوت الدين في الذمة بدون شهادة وكفالة

السؤال

هل يشترط في الدين وجود كفيل، وشاهدين؟
وهل يصح الدين بدونهما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالكفالة والإشهاد إنما هما من السبل المشروعة لتوثيق الدين، لا من أركان المداينة، ولا من شروط صحتها.

وقال ابن العربي: قوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضا} معناه إن أسقط الكتاب، والإشهاد، والرهن, وعول على أمانة المعامل, فليؤد الذي ائتمن الأمانة، وليتق الله ربه. وقد اختلف العلماء في ذلك كما بيناه, ولو كان الإشهاد واجبا لما جاز إسقاطه, وبهذا يتبين أنه وثيقة...

وقد قال بعض الناس: إن هذا ناسخ للأمر بالإشهاد, وتابعهم جماعة; ولا منازعة عندنا في ذلك, بل هو جائز... وجملة الأمر أن الإشهاد حزم, والائتمان وثيقة بالله من المداين, ومروءة من المدين, وفي الحديث الثابت الصحيح عن أبي هريرة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: { ذكر أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار, فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم, فقال: كفى بالله شهيدا، قال: فأتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى. فخرج الرجل في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها، يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا, فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه, ثم زجج موضعها, ثم أتى بها إلى البحر, فقال: اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلانا ألف دينار, فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بذلك، وسألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بذلك وإني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له، فلم أقدر. وإني استودعتكها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف، وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده. فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها وجد المال، والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار, وقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال: هل كنت بعثت إلي شيئا؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت به. قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشدا} . وقد روي عن سعيد الخدري أنه قرأ هذه الآية فقال: نسخ لكل ما تقدم، يعني من الأمر بالكتاب، والإشهاد، والرهن. اهـ من أحكام القرآن باختصار.

وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 53481 وإحالاتها.

وعلى هذا، فإن الدين يثبت في ذمة المدين بدون الشهادة، والكفالة فيما بينه وبين الله، أما في حال المناكرة والخصام، فلا بد لإثبات الدين وتوجه المطالبة به قضاء من وجود شهادة، أو كفالة أو غيرهما من طرق التوثيق؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى رجالٌ أموال قوم، ودماءَهم، ولكن البَيِّنَة على المُدَّعِي، واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وصححه الألباني، وبعضه في الصحيحين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني