الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليق النذر بالمشيئة..رؤية فقهية

السؤال

لقد أكرمني الله بشراء سيارة ومنزل جديد ( ولقد قلت إن شاء الله عند سكني في المنزل الجديد سوف أذبح عن المنزل الجديد والسيارة الجديدة) فهل يجوز لنا أهل المنزل أن نأكل من هذه الذبيحة - وهل يجوز أن نعطي الأقربين من الذبيحة هذا بعد أن توزع على المساكين والعاملين عليها، وهل يجوز الذبح بعد سكني في المسكن الجديد - وهل يشرط أن يتم الذبح في المنزل الجديد أم يجوز الذبح في أي مكان؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقولك "إن شاء الله عند سكني في المنزل الجديد سوف أذبح عن المنزل الجديد والسيارة الجديدة" يعتبر نذراً معلقاً على مشيئة الله . وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تعليق النذر بالمشيئة هل يسقط عن الناذر ما نذره أم يلزمه الوفاء بما نذر به؟ ولا عبرة بالاستثناء.
فذهب أكثر العلماء وهم الحنفية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى عدم لزوم المنذور مع الاستثناء.
وذهب المالكية في المشهور عندهم وهو قول عند الحنابلة إلى وجوب الوفاء بالنذر، ولو علقه على مشيئة الله.
قال السرخسي في المبسوط: وإذا حلف على يمين أونذر وقال: -إن شاء الله- موصولاً فليس عليه شيء عندنا. وقال مالك: يلزمه حكم اليمين والنذر لأن الأمور كلها بمشيئة الله تعالى ولا يتغير بذكره حكم الكلام، ولكنا نستدل بقوله تعالى: قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً [الكهف:69].
ولم يصبر ولم يعاتبه على ذلك.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما الذي يرجع إلى نفس الركن، فخلوه -أي النذر- عن الاستثناء فإن دخله أبطله.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: إن علق النذر بمشيئة الله أو مشيئة زيد فلا يصح وإن شاء زيد لعدم الجزم اللائق بالقُرب، ومثله في مغني المحتاج للخطيب الشربيني.
وقال المرداوي في الإنصاف: وإن حلف فقال إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلاً باليمين، يعني بذلك في اليمين المكفرة كاليمين بالله والنذر والظهار ونحوه لا غير وهذا هو المذهب، قال الزركشي: هذا المذهب المعروف ويحتمله كلام الخرقي وجزم به في المحرر والوجيز وقدمه في الشرح والفروع والنظم وأصول ابن مفلح.
وقال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: وأما إن علق النذر على مشيئة الله كإن كلمت فلاناً فعلي المشي إلى مسجد مكة أو علي الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور.
وقال عليش في منح الجليل على شرح مختصر خليل: وإن قال المسلم المكلف علي كذا إلا أن يبدو لي أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله فالمشيئة لا تفيد في النذر غير المبهم مطلقاً على المشهور لأنه نص المدونة خلافاً لما في الجلاب من قوله تنفعه المشيئة، وأما المبهم فكاليمين في المشيئة بالله. انتهى
ونذرك أخي الكريم معين، وليس مبهماً، وعليه.. فلا بأس بالوفاء بما نذرته، ولاحرج عليك في عدم الوفاء كما هو قول أكثر العلماء، وإذا وفيت به فلا بأس أن تأكل منه أنت وأقرباؤك، وتوزع على المساكين والجيران وغيرهم، ويصح ذبحها في المنزل الجديد أو غيره.
إلا أننا ننبهك إلى أنه يجوز هذا الذبح إذا كان المقصود منه شكر نعمة الله تعالى، والفرح بإتمام البيت، وشراء السيارة، ويحرم إذا كان المقصود منه دفع الجن عن سكن البيت أو دفع العين كما هو مشهور في كثير من البلاد الإسلامية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9406.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني