الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: (امرأة لا تحل له) في حديث النهي عن مس الأجنبية

السؤال

بالنسبة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن أحدكم في رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ـ فالبعض يقول نفهم من هذا الحديث خاصة قوله: لا تحل له ـ أنه لا يجوز تقبيل المحارم على الخد غير البنت، لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل فاطمة ـ رضي الله عنها ـ وكذلك أبو بكر قبل عائشة رضي الله عنهما، أما العمة أو الخالة أو الأخت وغيرهن من المحارم فلا يجوز تقبيلهن على الخد لعدم الدليل، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل يوجد دليل على تقبيل المحارم على الخد مثل العمة والخالة والأخت وبنات الأخ وبنات الأخت؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتقبيل بين المحارم جائز بضوابط سبق بيانها في الفتاوى التالية أرقامها: 110935، 7421، 3222 ، 177755.

أما الفهم الذي أشرت له: فهو غير صحيح، ولو قلنا به للزم منه حرمة مصافحة المحرم غير البنت، لأن الحديث يقول: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ـ وهذا لا يقول به قائل، وعليه يتعين أن يكون المقصود بالحديث المرأة الأجنبية التي لا يحل النظر إليها، جاء في التنوير شرح الجامع الصغير تعليقا على هذا الحديث: وفيه تحريم لمس الأجنبية، وهل يحرم لمس محرمه فإنها لا تحل له، قلت: إن أريد: بلا تحل ـ حل الوطء دخلت المحرم في تحريم اللمس إن أريد به حل الرؤية لم يحرم لمس المحرم، والأول أظهر، أو هو متعين. اهـ.

وأما الأدلة على جواز تقبيل المحارم غير البنت: فمنها الأدلة نفسها التي ذكرت من تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر لبنتيهما ـ رضي الله عن الجميع ـ إذ ليس في ذلك ما يدل على تخصيصه بالبنت دون سواها من المحارم كالأم والعمة والخالة..

ومنها ما ورد من تقبيل خالد بن الوليد لأخته ـ رضي الله عنهما ـ ومنها كذلك القياس على جواز مصافحة المحرم، فقد جاء في الآداب الشرعية: قال ابن منصور لأبي عبد الله: يقبل الرجل ذات محرم منه؟ قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه، وذكر حديث خالد بن الوليد، قال إسحاق بن راهويه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم من الغزو فقبل فاطمة ـ ولكن لا يفعله على الفم أبدا، الجبهة أو الرأس، وقال بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله: وسئل عن الرجل يقبل أخته؟ قال: قد قبل خالد بن الوليد أخته، وهذه المسألة تشبه مسألة المصافحة لذي محرم، وقد تقدم في القيام حديث عائشة في تقبيله ـ عليه السلام ـ لفاطمة. اهـ.

ولا يخفي أن محل الجواز مقيد بعدم الشهوة وأمن الفتنة ونحو ذلك من الضوابط والشروط التي تقدمت في الفتاوى المحال عليها، فليتنبه لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني