الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية قضاء الفوائت من الصلاة والصيام

السؤال

سؤالي واحد لكن له طرفان، أنا شاب عندي 19 عاماً.
فوت في عمري الكثير من الصلوات والكثير من الصيام لأسباب مختلفة، ولكني لم أنكر الصلاة أبداً، ولا الصيام، ولكني كنت إما أتكاسل أو أنسى أو أنام، ولكن الآن لا أعرف مقدار الصلوات ولا مقدار الصيام، فعندما أحاول أن أقضي لا أعرف هل أصلي صلاة بعد الفرض؟ يعني مثلا في صلاة الفجر بعدها أصلي قضاء فجرا أم لا؟ وهل مثلا إن صليت قضاء مع الفجر وقضاء مع الظهر، ثم لم أصل قضاء مع العصر، ماذا أفعل عندما أصلي المغرب؟ هل يجب الترتيب؟ حيث إني لا أعرف عدد الصلوات أصلاً، وهل يمكن أن أصلي بعد كل فريضة قضاء وتتعدد نواياي؟ فتكون بنية صلاة مقضية فإن زدت عن الفوائت يتقبلها الله كنوافل؟ ومن ناحية الصيام تكمن نفس المشكلة، لا أعرف عدد الأيام التي أفطرتها إما تكاسلا وإما باستمناء أو حتى لمجرد أني لم أستطع أن أتحمل، فهل أصوم الاثنين والخميس بنية القضاء وبنية النوافل، فإن زدت عن الفوائت يتقبلها الله كنافلة؟
أرجوكم ساعدوني، فوالله تعبت جداً، ولم أعد أستطيع التفكير في شيء إلا أني فاسد وأعمالي كثيرة سيئة، وأني أرشدت فلانا للمعصية هذه، واغتبت هذا وذاك، وحتى الفرائض متأخر فيها، و صرت أشعر أني في النار من الآن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك تضمن عدة مسائل، وجوابنا عنها سيكون من خلال النقاط الآتية:

1- ما ذكرت أنك فعلت من التفريط في جنب الله والتهاون في الصلاة والصيام، واقتراف المعاصي المختلفة، لا شك أنه من الذنوب العظيمة التي تجب التوبة إلى الله تعالى منها قبل فوات الأوان، وخاصة ما يتعلق بالصلاة فإن من أهل العلم من كفر تاركها تكاسلا وتهاونا ولو من دون جحود لوجوبها.

فالبدارَ البدارَ إلى التوبة والإنابة مما كان منك، وذلك وفق الشروط المبينة في الفتوى رقم: 78925.

وحذار من أن تقنط من رحمة الله، فإن ذلك ذنب آخر تجب منه التوبة، قال تعالى: .. وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.

فحَسّن ظنك بالله تعالى، ولا تدع اليأس يتسلل إلى قلبك أبدا، وتذكر رحمة الله وسعة عفوه ومغفرته، قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الشيخ الألباني.

وكلما تكرر منك الذنب فعاود التوبة، فإنك إن ظللت على تلك الحال غفر الله، جاء في صحيح ابن حبان: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: (أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فقَالَ: أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ فقَالَ: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَأْخُذُ بِالذُّنُوبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فقَالَ: أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ فقَالَ: أَذْنَبَ عَبْدِي وَعَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غفرت لك) أي ما دمت تذنب وتستغفر .

2- من عليه فوائت ـ من صلاة أو صيام ـ لا يعلم عددها يجب عليه قضاؤها ويحتاط في القضاء فيصلي ويصوم ما يغلب على ظنه أنه قدر عدد ما عليه من الفوائت.

وانظر لبيان كيفية قضاء ما فات من صلاة وصوم فتوانا رقم: 70806.

3- ترتيب الفوائت الكثيرة غير واجب عند بعض أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 96811، للاطلاع على أقوال العلماء في المسألة.

فَصَلِّ ما يتيسر لك بنية قضاء الفوائت، حتى يغلب على ظنك أنك قد استوفيتها، ولو أشركت مع نية القضاء بعض النوافل التي يصح تشريكها مع الفريضة كتحية المسجد وسنة الوضوء فلا بأس، كما تقدم في الفتوى رقم: 144459، لكن لا بد من أن تكون نيتك جازمة بالقضاء. ليس فيها تردد بينه وبين نفل آخر.

4- يصح صوم الإثنين والخميس بنية القضاء، ونية التنفل، وانظر الفتوى رقم: 232216.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني