الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرء يموت ويبعث غالبا على ما كان عليه

السؤال

انتشر مقطع صوتي لأحد المشايخ يقول فيه: النائم كالميت، فالذي لا يستطيع مقاومة النوم للذهاب للطاعة، فلن يستطيع في سكرات موته أن يقول لا إله إلا الله، ويقول طاعة؛ لأنه لم يستطع مقاومة النوم. فكيف في سكرات الموت.
ما قولكم في هذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الزعم بأن ( الذي لا يستطيع مقاومة النوم للذهاب للطاعة، فلن يستطيع في سكرات موته أن يقول لا إله إلا الله ) لا أصل له، ولا دليل عليه فيما نعلم.

والنطق بالشهادة عند الموت وإن كان أمارة خير، ومن علامات حسن الخاتمة، كما جاء في الحديث عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. أخرجه أبو داود، وصححه الألباني. إلا أن عدم النطق بها عند الموت، لا يعني بالضرورة سوء الخاتمة، وأن المصير إلى النار والعياذ بالله.

والتذكير بالأصل العام: من أن الغالب أن العبد يختم له ويموت على ما كان يعمله في الحياة، فمن كان معرضا فيخشى أن يختم له بذلك، ومن كان مقبلا على الله فيرجى أن يختم له بخير. هذا النوع من التذكير أمر حسن.

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ {البقرة:132}: أحسنوا في حال الحياة، والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه، فإن المرء يموت غالبا على ما كان عليه، ويبعث على ما مات عليه. اهـ.

لكن فرق بين هذا، وبين الجزم بأن من كان على معصية فسيختم له بسوء، فإن الخواتيم بيد الله جل وعلا، وقد يعيش العبد على الكفر - فضلا عن مجرد النوم عن طاعة - ويختم له بالخير والحسنى، كما جاء في الحديث: إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. أخرجه البخاري ومسلم.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 80080 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني