الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يجمع بين الطمأنينة والخشوع ومدافعة الريح؟

السؤال

سؤالي يتعلق بكثرة الغازات عندي، فكيف أصلي؟ وهل أطمئن في صلاتي ولا أدافعها، مع العلم أن هذا سيؤدي إلى انفلات الريح؟ أم يجب علي أن أدافعها وأمنعها من الخروج، مع العلم أن هذا سيؤدي إلى عدم الاطمئنان في الصلاة، حيث إنني لن أستطيع أن أستقر استقرارا كاملاً في أركان الصلاة؟ فما هو الأولى هنا؟ وهل هو مدافعة الغازات والبقاء قدر الإمكان على طهارة؟ أم الاطمئنان في الصلاة والاستقرار في أركانها مع العلم أن هذا سيؤدي إلى تسرب الغازات كما أسلفت؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل الإجابة عن سؤالك ننبهك إلى نقطتين مهمتين:

1ـ انفلات الريح إن كان ملازماً للإنسان كل الوقت يعتبر بمثابة سلس البول، ويجب على من ابتلي بذلك أن يتوضأ لكل صلاة عند دخول وقتها، ولا يضره ما خرج منه بعد ذلك في أثناء الصلاة أو خارجها، مادام الوقت باقيا، وانظري الفتويين رقم: 8777، ورقم: 16023.

2ـ الطمأنينة واجبة في الصلاة، لأنها ركن من أركانها ولا تصح بدونها، وانظري الفتوى رقم: 1280.

وعلى هذا الاحتمال ـ وهو خروج الغازات المستمر ـ فالمدافعة المخلة بالطمأنينة غير مطروحة ولا داعي لها لكون الحدث هنا غير مبطل للصلاة، وما عدا ذلك هو محل النظر، فنقول فيه: الأصل أن المدافعة الشديدة مكروهة لإخلالها بالخشوع ما لم تحصل اضطرارا، فلا حرج فيها عندئذ، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: عن شخص يشكو من كثرة الغازات التي تخرج منه, وقد عالجها في كثير من المستشفيات ولكن مع ذلك مازالت هذه الغازات مستمرة، فهل يجوز له أن يدافع هذه الغازات في الصلاة ؟ فأجاب: لا حرج عليه أن يصلي وهو يدافعها، لأن هذا بغير اختياره ومدافعته إياها في الصلاة لا تضر مادامت هذه منتهى قدرته. اهـ بتصرف.

وأما المدافعة الخفيفة: فلا شيء فيها مطلقا، قال الشيخ بن باز: له أن يدافعها إذا كانت خفيفة، أما إذا كانت شديدة يقطعها، أما إذا كانت خفيفة يمكن المدافعة بدون مشقة وهو في صلاته، فلا بأس، كالبول والغائط إذا كان خفيفا يكمل صلاته، أما إذا كان يشغله في الصلاة يقطعها يخرج الريح والبول والغائط حتى يصلي بقلب حاضر، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ـ وهكذا الريح الشديدة التي تؤذيه يقطع. اهـ.

وقال أيضا: إذا كان المسألة خفيفة، المدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه، يعني إنما حس بذلك شيئاً قليلاً لا يشق عليه فإنه يصلي. اهـ.

وبهذا تعلمين: أن المدافعة الخفيفة الأولى معها الاستمرار، وأن المدافعة الشديدة الأولى معها القطع، وأن المدافعة المخلة بالطمأنينة يتعين معها القطع، وأن خروج الريح إن كان ملازما كل الوقت لا ينقض الوضوء، وإلا نقض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني