الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرؤية الشرعية في قول (أنقذت العناية الإلهية فلانا)

السؤال

بارك الله فيكم ..
نقرأ كثيرا في الصحف قولهم " أنقذت عناية الله فلانا " أو " أنقذت العناية الإلهية فلانا " فما حكم هذه العبارة وهل يجوز التلفظ بها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكلمة: عناية الله ـ لا بأس بإطلاقها، إذ هي من باب الإخبار عنه سبحانه، فهو أوسع، فيصح بكل ما يصح نسبته إليه عز وجل، ولا يجب أن يكون توقيفيا، قال ابن القيم: ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه. اهـ.

وانظر في ذلك الفتوى رقم: 128900.

ولذلك استخدمه العلماء بلا نكير، جاء في البناية شرح الهداية: قوله: بالتوفيق: يتعلق بقوله: خص، وهو حسن عناية الله لعبده. انتهى.

وقال الدهلوي في حجة الله البالغة: وَكَانَ من عناية الله تَعَالَى بِهِ أَن ألهمه كَيفَ يرتفق بأَدَاء هَذِه الْحَاجَات إلهاما طبيعيا من مُقْتَضى صورته النوعية..

وقال العثيمين ـ رحمه الله ـ كما في لقاء الباب المفتوح: وهذا من عناية الله بك أيها الإنسان! أنْ وكَّل بك هؤلاء الملائكة يعلمون ما تفعل ويكتبونه، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه. انتهى.

وأما لفظ: أنقذت العناية.. أو أنقذت عناية الله، فلا ينبغي إطلاقه، ففيه إضافة الإنقاذ إلى العناية، والأصل أن تضاف إلى الله؛ فهو الذي شاء، وأنقذ، وهذا الإنقاذ من حكمة الله وعنايته، لكن لا يضاف الإنقاذ إلى العناية، قال الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ في معجم المناهي اللفظية: شاءت حكمة الله: المشيئة صفة من صفات الله تعالى، والصفة تضاف إلى من يستحقها، ولله تعالى المشيئة الكاملة والقدرة التامة، ومشيئته سبحانه فوق كل مشيئة، وقدرته سبحانه فوق كل قدرة، فيقال: شاء الله سبحانه، ولا يقال: شاءت حكمة الله، ولا يقال: شاءت قدرة الله، ولا: شاء القدر، ولا: شاءت عناية الله، وهكذا من كل ما فيه نسبة الفعل إلى الصفة، وإنما يقال: شاء الله، واقتضت حكمة الله، وعنايته سبحانه، وكل هذه ونحوها، في حرف التاء: تدخَّل القدر، من عبارات بعض أهل عصرنا الذين لا يتورعون عن هذه وأمثالها. انتهى.

وسئل العثيمين كما في فتاوى أركان الإسلام س109: ما حكم قولهم: تدخل القدر؟ وتدخل عناية الله؟ الجواب: قولهم تدخل القدر ـ لا تصلح، لأنها تعني أن القدر اعتدى بالتدخل وأنه كالمتطفل على الأمر، مع أنه ـ أي القدر ـ هو الأصل فكيف يقال تدخل؟! والأصح أن يقال: ولكن نزل القضاء والقدر، أو غلب القدر ونحو ذلك، ومثل ذلك: تدخلت عناية الله ـ الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله، أو اقتضت عناية الله. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني