الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموسوس يطلب منه طرح الوساوس وأداء الطهارة بصورة طبيعية

السؤال

توضيح للفتوى الكيس فيه اسم الله وأريد أن أطمسه، هذا الجزء نسيت أن أكتبه.
عندي سؤال آخر أني لما أتوضأ أتأخر لأني أقوم بفرك أصابع يدي ورجلي لأن فيها جلدا ميتا أو متدليا، وكنت أقص بعض الجلد الميت أو المتدلي فأضر بنفسي، وقد يخرج دم أو أحس بالألم، وأعرف أني متشددة على نفسي وأن الدين يسر.
فهل يكفي أن أغسلها بفرك سريع دون تكلف ومرة أقص أضافري فخمشت الظفر فترتفع قشرة من الظفر ولم أتأكد من وصول الماء إلى ما تحتها؛ لأنها لاصقه بالجلد ويربطها به جزء يسير، فتوضأت وبعد الصلاة وجدت هذه القشرة ولم أتأكد أنه وصل لما تحتها، وأصابعي تؤلمني من القص المبالغ.
فهل يكفي أن أغسل خارجها دون ما تحتها؛ لأن فيه مشقة بحيث يجب أن أحضر شيئا حادا لكي أرفع القشرة وأغسل ما تحتها؟
يعني أنا أفرك بأصبعي ولكن لا ترتفع القشرة في بعض الأحيان إلا بشيء حاد، وأصبحت أفقد لذة الوضوء والصلاة؛ لأن إبليس يجعلني أشدد على نفسي حتى أجد مشقة في الوضوء، وأنا والله أحب الصلاة وأريد أن أتوضأ كالبقية بغير مشقة ولا إسراف.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أجبنا على سؤالك في الفتوى رقم : 277546، وفيها غنية وكفاية، والعبارة الساقطة تفهم من سياق الكلام، ونسأل الله تعالى أن يعافيك من الوساوس، واعلمي أن هذا الدين يسر، وأن الله تعالى رحيم بعباده، لطيف بهم، فلا يكلف نفسًا إلا وسعها، وما تقومين به من تقشير وفرك يفضي لخروج الدم فهو من التنطع، والتكلف في الدين، وهو أمر مذموم شرعًا، لا سيما وقد سبب لك الجروح، فعليك أن تطرحي عنك الوسواس، وأن تؤدي الطهارة بصورة طبيعية، فالوضوء سهل يسير ـ والحمد لله تعالى ـ.
وقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أنه يشترط لصحة الغسل، أو الوضوء إزالة كل حائل يمنع من وصول الماء إلى العضو، وأنه لا تشترط لصحة الغسل، أو الوضوء نظافة العضو نظافة كاملة بحيث يزول كل الوسخ، وإنما المشترط هو وصول الماء إلى الجلد، ولا يشترط في ذلك اليقين بل غلبة الظن كافية، رفعا للحرج ودفعا للمشقة، قال في فتح المعين: ولا يجب تيقن عموم الماء جميع العضو بل يكفي غلبة الظن به. انتهى.

ثم إنه إذا كان الوسخ تحت الأظفار التي لم تطل عن المعتاد أو كان لا يحول دون وصول الماء إلى العضو فإنه لا تشترط إزالته أصلا، بل إن بعض أهل العلم سهل في ما كان يسيراً من ذلك وتشق إزالته قياساً على الوسخ الذي يكون تحت الظفر، للقاعدة المقررة عند أهل العلم أن المشقة تجلب التيسير، وأن الأمر كلما ضاق اتسع، لقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

وجاء في مطالب أولي النهى: ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه، كداخل أنفه ولو منع وصول الماء، لأنه مما يكثر وقوعه عادة، فلو لم يصح الوضوء معه لبينه صلى الله عليه وسلم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وألحق به ـ أي بالوسخ اليسير ـ الشيخ تقي الدين كل يسير منع وصول الماء كدم وعجين في أي عضو كان من البدن، واختاره قياساً على ما تحت الظفر ويدخل فيه الشقوق التي في بعض الأعضاء. انتهى.

واعلمي أن الجلد الميت لا تطلب إزالته إن كانت تسبب الألم فقد جاء في المحيط البرهاني لبرهان الدين الحنفي: وإذا كان ببعض أعضاء الوضوء جرح قد انقطع قشره، أو نحو منه هل يجب إيصال الماء إلى ما تحته؟ كان الفقيه أبو إسحاق الحافظ يقول: ننظر إن كان ما يقشر يزال من غير أن يتألم لم يجزه إلا أن يصل الماء إلى ما تحته، وإن كان لا يزال من غير أن يتألم أجزأه إن لم يصل الماء إلى ما تحته، قال: لأنه بمنزلة ما لم يقشر. اهــ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني