الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طروء وساوس الكفر والشرك.. أحوال المؤاخذة وعدمها

السؤال

يا شيخ: كنت جالسة، وأسمع أغنية عن الأم؛ فبكيت، وأصبحت أتخيل أن أمي ماتت، وكنت أفكر ماذا سأفعل من أجلها بعد الموت، ونسيت ما دار في بالي بصراحة، لكن الشيطان عكر علي تفكيري بوسوسة فيها كفر، ولها علاقة بالأم، ثم كالعادة جعلني أدور في دائرة مغلقة حتى أضمن أن الله لن يأخذني بالوسوسة، فخفت هل أعرض فقط وليس علي شيء، فأنا دائما أتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم.
فصرت أدقق لعلي أقع في تلك الوسوسة، فأؤاخذ بها وهي شرك، وأخاف الوقوع في الشرك.
يا شيخ عذابي يزداد إذا فكرت أن العمر قد يطول، وأفعل شيئا فأكون عملت بما في نفسي. كيف أتصرف؟ حاولت التجاهل، لكن طمئني على ديني حتى أستطيع التجاهل، فأنا إذا كان وسواسا أستطيع أن أتجاهل، لكن كيف أنسى يوم القيامة، فأنا لم أنسه، وأتعذب، وأبكي في الصلاة خائفة، طمئني على ديني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يؤاخذ المسلم على مثل هذه الوساوس التي يجدها في صدره، بل إن في كراهيته لها دليلا على صحة إيمانه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى: وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق، ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق، ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله؛ إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب، هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية، ودفعوها، فخلص الإيمان صريحاً، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات، والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا، وإما أن يصير منافقاً. انتهى.
وأيضا قد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، فلا يزول إسلامه بالشك.
فاتقي الله في نفسك، وأشغليها بما ينفعك عند الله تعالى، ولا تتبعي خطوات الشيطان، وننصحك بالكف عن هذه الوساوس، وعدم التفكير فيها؛ لسوء عاقبتها عليك، فقد ذكرنا في عدة فتاوى أن خير علاج لهذه الوساوس بعد الاستعانة بالله، والتوكل عليه، هو الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها.
كما أننا ننصحك بعدم سماع الأغاني إذا كانت مصاحبة للموسيقى، أو كان فيها كلام فاحش.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 51601، 70476، 147101، 203125.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني