الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في نذر اللجاج

السؤال

جزاكم الله خيرا على جهدكم المبذول في الرد على أسئلتنا، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
لديَّ سؤالان، وهما كالآتي:
السؤال الأول: بفضل الله أقوم بإخراج مبلغ محدد كصدقة كل شهر، ولكن منذ فترة قريبة كنت أفعل معصية ما، ونذرت أن أدفع مبلغا معينا إذا فعلتها مرة أخرى، فهل يمكنني إخراج هذا المبلغ ضمن المبلغ الذي أقوم بإخراجه شهريا أم أنه لا يجوز جعل النية فيه قضاء المبلغ الذي عليَّ بسبب النذر؟ وحينها يجب عليَّ إخراج مال آخر بالإضافة إلى المبلغ المحدد في الصدقة كل شهر؟
السؤال الثاني: كان عليَّ قضاء من أيام رمضان ودخل عليَّ رمضان الذي يليه دون أن أصومها، في هذه الحالة ماذا يجب عليَّ إخراجه عن كل يوم بالإضافة إلى قضاء اليوم صياما؟ أعلم أنه يجب عليَّ إطعام مسكين عن كل يوم، ولكن لا أعرف ما هو المقدار المطلوب لكل مسكين! أريد مقدارا يسهل التعامل معه بما يتماشى مع زمننا هذا.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأما عن السؤال الأول: فيجب عليك أن تبتعدي عن معصية الله تعالى، وجاهدي نفسك، وستجدين من الله التوفيق والعون، وقد قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت: 69]. قيل: المجاهدة هي الصبر على الطاعات. قال الحسن: أفضل الجهاد مخالفة الهوى. وإذا وقعت في تلك المعصية فتوبي إلى الله تعالى بالندم على فعلها، والعزم الأكيد على عدم العودة إليها.

وأما إخراج المبلغ الذي نذرته: فإذا وقعت في المعصية فأنت مخيرة بين أن تخرجي ذلك المبلغ وبين أن تكفري كفارة يمين؛ لأن النذر الذي ينذره صاحبه ليحمل نفسه على فعلٍ ما أو على تركه يسمى: نذر اللجاج والغضب، وصاحبه يخير فيه بين فعل ما نذره وبين أن يكفر كفارة يمين، وهذا في قول أكثر أهل العلم.

جاء في الموسوعة الفقهية عن نذر اللجاج: فِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ لِلْفُقَهَاءِ:

الأْوَّل: أَنَّ الْقَائِل يُخَيَّرُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ بَيْنَ الإْتْيَانِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَهَذَا الْقَوْل هُوَ آخِرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَيْضًا أَرْجَحُ الأْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَال أَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَهْل مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَالْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ، وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْقَائِل يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ مَا الْتَزَمَهُ، وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ، وَأَحَدُ أَقْوَال الشَّافِعِيِّ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَائِل يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَيُلْغِي مَا الْتَزَمَهُ، وَهَذَا أَحَدُ الأْقْوَال لِلشَّافِعِيِّ. اهـ.
وإذا أردت أن تفي بالنذر وتخرجي المبلغ، فيمكنك أن تجعليه من ضمن المبلغ الذي تتصدقين به كل شهر، إلا إذا كانت تلك الصدقةُ صدقةً واجبةً، وأما إن كانت صدقة تطوع فلك أن تنوي جزءا منها وفاء لنذرك.

وأما عن السؤال الثاني: فالمقدار المجزئ في الإطعام هو مد من طعام، وهو ما يساوي: 750 جرامًا تقريبًا عند الشافعية، وعند الحنابلة أن الواجب مد من البر أو نصف صاع من غيره، ونصف الصاع هو ما يساوي: كيلو ونصفا من الأرز تقريبًا، وهذا هو الأحوط، ولتراجعي في ذلك الفتوى رقم: 111559 ففيها بيان واضح لمقدار الإطعام وكيفيته.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني