الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تختص الغيبة بما كان في غيبة الشخص

السؤال

هل الغيبة كما جاء في الحديث: "قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته"
هي إذا كان الشخص حاضرا تعتبر غيبة، وإذا لم تكن غيبة فهل عندما يتحدث الناس عني بأشياء أكره أن أسمعها مثل: أنت لا تعرف شيئا، أنت كسول، أنت وأنت ... إن لم تكن غيبة فماذا تكون؟ وما هو معني فقد بهته؟
وشكرا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في حد الغيبة، فذهب بعضهم إلى أن الكلام عن الشخص بما يكره يعتبر غيبة، سواء كان في حضوره أو في غيبته، وذهب أكثرهم إلى أنه لا يعتبر غيبة إلا إذا كان في غيبته. جاء في فتح الباري لابن حجر العسقلاني: ... وتمسك من قال إنها لا يشترط فيها غيبة الشخص بالحديث المشهور الذي أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رفعه: أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكرهه قال أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. وله شاهد مرسل عن المطلب بن عبد الله عند مالك فلم يقيد ذلك بغيبة الشخص، فدل على أن لا فرق بين أن يقول ذلك في غيبته أو في حضوره، والأرجح اختصاصها بالغيبة مراعاة لاشتقاقها، وبذلك جزم أهل اللغة. قال ابن التين: الغيبة ذكر المرء بما يكرهه بظهر الغيب وكذا قيده الزمخشري وأبو نصر القشيري في التفسير وابن خميس في جزء له مفرد في الغيبة، والمنذري وغير واحد من العلماء من آخرهم الكرماني قال الغيبة أن تتكلم خلف الإنسان بما يكرهه لو سمعه وكان صدقا... اهـ

وعلى القول باختصاص الغيبة بما كان في غيبة الشخص، فإن ما وقع منها في حضوره يعتبر شتما. فقد جاء في كتاب التعريفات للجرجاني: الغيبة: ذكر مساوئ الإنسان في غيبته وهي فيه، وإن لم تكن فيه فهي بهتان، وإن واجهه فهو شتم. اهـ
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فقد بهته) أي قلت فيه البهتان والكذب. قال في القاموس المحيط: بهته، كمنعه، بهتا وبهتا وبهتانا: قال عليه ما لم يفعل. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني