الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يشك أنه علق الطلاق قبل الزواج فهل يلزمه شيء

السؤال

جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع؛ فإنني فخور جدا بكم، وبما تقدمونه من خدمة ديننا الحنيف، جعله الله في ميزان حسناتكم.
سؤالي لأخي العزيز: سألني في أنه ذات مرة استخدم أسلوبا لا يليق، وحتى لا يشك في صلاته فقال: إنه علق الطلاق قبل الزواج على مذهب أبي حنيفة حتى لا يشك في صلاته، ولكنه شك، وقال لي: إنه متيقن أو غالب ظنه أنه لم يتلفظ بالطلاق قبل الزواج، ولكنه خائف أن يكون قد تلفظ. وهو الآن في تجهيزات الزواج المبارك، ونحن فرحون به إلا أنه متكدر ومهموم.
فأنا -والله أعلم- قلت له: إن الأصل براءة الذمة، كما أن غالب الظن يلحق باليقين في الحكم؛ أي: أنه يبني على غلبة ظنه بعدم التلفظ. فأنا لست أهلا للفتوى، فأحببت أن أستشيركم حتى لا أكون ممن أفتى بغير علم أو تجرأت على الفتوى من غير أهل العلم، كما أنني قلت له: إنك ربما موسوس، فغضب مني، وقال لي: إني لست مجنونا لتحكم علي.
فلنفرض أنه ليس موسوسا، فهل تحمله هذه القاعدة أم لا؟ علما أن مذهبنا شافعي، وهو قلد المذهب الحنفي في هذا اليمين المشكوك فيه.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا، وثقتك بنا، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق إلى كل خير، وإلى تعلم العلم النافع والعمل الصالح.

فإن كان الواقع ما ذكر، وهو أن الغالب على ظن هذا الرجل أنه لم يتلفظ بهذا الطلاق، فالأصل العدم؛ أي: أنه لم يتلفظ به حتى يثبت العكس، وهذا يندرج تحت القاعدة العامة: أن اليقين لا يزول بالشك. وليلتزم هذه القاعدة في جميع أمور دينه من الطهارة، والصلاة، وغيرهما؛ ليسلم.

وعلى هذا الأخ أن يقدم على الزواج، ويعيش حياته بصورة طبيعية كأن شيئًا لم يكن، ويتجاهل الوساوس، ولا يلتفت إليها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم؛ قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: فَالنِّكَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا يَقَعُ الشَّكُّ فِي انْعِقَادِهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِالشَّكِّ، وَإِذَا كَانَ مُنْعَقِدًا يَقَعُ الشَّكُّ فِي زَوَالِهِ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْهُودِ أَنَّ غَيْرَ الثَّابِتِ بِيَقِينٍ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَالثَّابِتُ بِيَقِينٍ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. اهـ.

وليحذر تكرار السؤال عن حكم هذه النازلة، لا على مذهب أبي حنيفة، ولا على غيره من المذاهب؛ فإن هذا من موجبات تعزيز الوساوس في النفس واستحكامها، وهذا عكس ما يريده الشارع من دفعها والتخلص منها.

نسأل الله لنا وله العافية من كل بلاء، ونوصيه بالحرص على الدعاء والذكر والرقية الشرعية. ولمزيد الفائدة فليراجع الفتوى رقم: 3086.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني