الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسائل المتعلقة بأمر العامة يختلف الحكم فيها بحسب الواقع ومعطياته

السؤال

بداية أعلم أن الحكمة في فتاويكم تقتضي عدم التشهير أو تعريض موقعكم للنقد والهجوم بذكر ما يمكن فهمه أنه تشهير أو تجريح بفئة أو فصيل ما، ولكن إن لم يكن للعلماء رأي في الملمات والشدائد فمن المسئول عنا نحن العوام أمام الله، ونحن لا نعلم كيف ينبغي أن تكون ردود أفعالنا في مثل هذه الظروف العصيبة؛ ولذا إن كنتم في حرج من عرض فتواكم هذه على الموقع فلا بأس بإرسالها لي عبر الإيميل بارك الله فيكم....
وسؤالي يتعلق في الموقف الذي ينبغي أن يكون عليه أهل السنة في اليمن من دخول مليشيات الحوثي المدن اليمنية كما تسمعون وتشاهدون ؟ فالحقيقة يقع المرء في حيرة فهل لا يتعرض لهم طالما لا يتعرضون له؟ أم يقتنع بما يروج له بأن المسألة مجرد تصفية حسابات بين الخصوم السياسية؟ ويخشى المرء أحيانا أن يدفع ثمن صمته وسلبيته في قادم الأيام فيما لو تبنت هذه المليشيات سيناريو العراق أو الدولة الفاطمية في مصر مثلا، وحينها يكون قد فات القطار ولا ينفع الندم... فما موقف المسلم في هكذا موقف تكون فيه كل الاحتمالات مفتوحة وواردة، ولا يستطيع الجزم بأي منها حتى يبني عليها موقفا يرضي الله ورسوله؟ نسأل الله تعالى أن يجنبنا وإياكم الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه المسائل المتعلقة بأمر العامة، والمعتمدة على السياسة الشرعية، يختلف الحكم فيها بحسب الواقع ومعطياته وموازين القوة فيه، واعتبار المصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، والنظر في مآلات الأمور، ونحو ذلك مما لا يتهيأ إلا لمن يجمع بين الفقه في الشرع، والعلم بالواقع، قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة والقدرة والعجز؛ فالواجب شيء والواقع شيء، والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب، وينفذ الواجب بحسب استطاعته، لا من يلقى العداوة بين الواجب والواقع، فلكل زمان حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم. اهـ.
فلا يكفي معرفة الأحكام الشرعية مع الجهل بمواقع تنزيلها، فلابد من الجمع بين الأمرين، ولذلك فإننا دائما ما نقرر أن الرجوع في مثل هذه المسائل يكون لأهل العلم في كل بلد؛ لأنهم أعرف بواقع بلدهم، وأخبر بمجريات الأمور عندهم، فيحب على العامة الالتفاف حولهم والتشاور معهم، وعلى الجميع الاعتصام بحبل الله أولا وقبل كل شيء، والسعي إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، ونبذ الخلافات جانبا.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 269230.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني