الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيثار الدنيا طُبع عليه الإنسان من داخله وإيثار الآخرة يحصله من الخارج

السؤال

ما هو شرح كلام بن الجوزي في صيد الخاطر، في الفصل الثاني: (جواذب الطبع إلى الدنيا كثيرة، ثم هي من الداخل، وذكر الآخرة أمر خارج عن الطبع، من الخارج)
كيف يكون ذكر الآخرة أمرا خارجا عن الطبع من الخارج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمقصود ابن الجوزي -رحمه الله- أن إيثار الدنيا والميل إليها، طُبع عليها الإنسان من داخله، وأن ذكر الآخرة، وإيثارها، أمر خارج عن طبيعة الإنسان من الخارج، عن طريق هداية الله له بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وتوفيقه سبحانه وتعالى للعبد.

يبين هذه الحقيقة ابن القيم -رحمه الله- في كتابه عدة الصابرين حيث قال: الخطاب للإنسان من حيث هو إنسان، على طريقة القرآن في تناول الذم له من حيث هو إنسان، كقوله: وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً ـ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُوراًـ إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ـ وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ـ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌـ ونظائره كثيرة، فالإنسان من حيث هو عار عن كل خير من العلم النافع، والعمل الصالح، وإنما الله سبحانه هو الذي يكمله بذلك، ويعطيه إياه، وليس له ذلك من نفسه، بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم، والظلم المضاد للعدل، وكل علم، وعدل، وخير فيه فمن ربه، لا من نفسه، فإلهاء التكاثر طبيعته، وسجيته التي هي له من نفسه، ولا خروج له عن ذلك إلا بتزكية الله له، وجعله مريدًا للآخرة، مؤثرًا لها على التكاثر بالدنيا، فإن أعطاه ذلك، وإلا فهو مُلْتَهٍ بالتكاثر في الدنيا ولا بد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني