الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما مدى دقة نقل الموسوعة الفقهية الكويتية عن المذاهب؟

السؤال

ما تقييمكم لكتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، من حيث صحة النقل عن المذاهب الأربعة؟ وهل يجوز أخذ الفتوى منه لعامة الناس؟
وهل يمكن أن أعطي الكتاب لمعارفي -الذين ليسوا طلبة علم- للاستفادة منه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالموسوعة الفقهية الكويتية، الصادرة عن وزارة الأوقاف، في دولة الكويت، تعتبر من الكتب النافعة القيمة، ونقلها عن المذاهب الفقهية، صحيح في الجملة، وقد استفدنا منها كثيرًا في فتاوانا، ولكن لا تخلو أحيانًا من عدم دقة في النقل، أو وهم، ومن ذلك ما نسبته للحنابلة من عدم صحة اقتداء من يصلي الظهر قضاء بمن يصليها أداء حيث جاء فيها: وَلاَ تَصِحُّ صَلاَةُ ظُهْرٍ قَضَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً، وَلاَ ظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَظُهْرِ يَوْمِ السَّبْتِ خَلْفَ ظُهْرِ الأحَدِ الْمَاضِيَيْنِ؛ إِذْ لاَ بُدَّ مِنَ الاِتِّحَادِ فِي عَيْنِ الصَّلاَةِ، وَصِفَتِهَا، وَزَمَنِهَا، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ) اهــ.
ومذهب الحنابلة على خلاف هذا تمامًا، فالمذهب عندهم صحة اقتداء من يقضي بمن يؤدي، وصحة اقتداء من يؤدي بمن يقضي.

قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ ظُهْرُ أَمْسِ، فَأَرَادَ قَضَاءَهَا، فَائْتَمَّ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ ظُهْرُ الْيَوْمِ فِي وَقْتِهَا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ... حُكْمُ ائْتِمَامِ مَنْ يَقْضِي الصَّلَاةَ بِمَنْ يُؤَدِّيهَا، حُكْمُ ائْتِمَامِ مَنْ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا، عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ... إلخ. اهــ.

فهذا الخطأ، ونحوه مما وقفنا عليه، قليل بالنسبة للكثير الغالب، فيستفاد منها.

ولا حرج في أن تُعطى للعامة ليستفيدوا منها، ولكن مع التنبيه إلى أن موضوع الفتوى أكبر من أن يأخذها العامي من كتاب؛ لأن المسألة المذكورة في الكتاب، ولو كانت صحيحة النسبة للمذاهب الفقهية، إلا أنها ربما لا تصدق على حال العامي، فيظن أن المسألة التي في الكتاب تصدق على حاله، وهي بخلاف ذلك.

ولذا لا بد من أن يستفتي العامي أحد أهل العلم، ولا يكتفي بأخذ ما يقرؤه من الكتب، وتنزيلها على حاله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني