الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل قصة ثقب أذن السيدة هاجر صحيحة؟ والتي تقول بأن الزوجة الأولى، وهي سارة، أقسمت بأن تقطع عضوًا من أعضاء الزوجة الثانية التي هي هاجر -عليها السلام-، فثقبت أذنها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه القصة لم نقف على من صححها، أو ضعفها، وقد رواها الواقدي، والبيهقي، وابن عساكر في تاريخه، وذكرها كثير من أهل العلم كابن أبي زيد المالكي ـ رحمه الله ـ في كتاب النوادر والزيادات حيث قال: ويقال: إن إبراهيم أمر سارة- أم إسحاق- أن تفعله بهاجر- أم إسماعيل- وكانت أمة لها، وهبتها لإبراهيم، ثم غارت بها، فحلفت ليغيرن منها ثلاثة أشراف، فأمرها إبراهيم أن تثقب أذنيها، وتخفضها. انتهى.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقد روى أبو إسحاق عن حارثة بن مضرب، عن علي، أن سارة لما وهبت هاجر لإبراهيم، فأصابها، غارت سارة، فحلفت ليغيرن منها ثلاثة أشياء، فخشي إبراهيم أن تقطع أذنيها، أو تجذع أنفها، فأمرها أن تخفضها، وتثقب أذنيها. انتهى.

وقال السيوطي في الدر المنثور: وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ ـ رَضِي الله عَنهُ ـ قَالَ: كَانَت هَاجر لسارة، فأعطت هَاجر إِبْرَاهِيم، فَاسْتَبق إِسْمَاعِيل، وَإِسْحَاق لنَفسِهِ، فسبقه إِسْمَاعِيل، فَقعدَ فِي حجر إِبْرَاهِيم، قَالَت: سارة: وَالله لأغيرن مِنْهَا ثَلَاثَة أَشْرَاف، فخشي إِبْرَاهِيم أَن تجدعها، أَو تخرم أذنيها، فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن تفعلي شَيْئا، وتبري يَمِينك، تثقبين أذنيها، وتخفضينها، فَكَانَ أول الخفاض هَذَا. انتهى.

وقال أيضًا: أخرج الْوَاقِدِيّ، وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت سارة -عَلَيْهَا السَّلَام- تَحت إِبْرَاهِيم -عَلَيْهِ السَّلَام- فَمَكثت مَعَه دهرًا لَا ترزق مِنْهُ ولدًا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك وهبت لَهُ هَاجر -أمة قبطية-، فَولدت لَهُ إِسْمَاعِيل -عَلَيْهِ السَّلَام- فغارت من ذَلِك سارة ـ رَضِي الله عَنْهَا ـ فَوجدت فِي نَفسهَا،وعتبت على هَاجر، فَحَلَفت أَن تقطع مِنْهَا ثَلَاثَة أَشْرَاف، فَقَالَ لَهَا إِبْرَاهِيم -عَلَيْهِ السَّلَام-: هَل لَك أَن تبري يَمِينك؟ فَقَالَت: كَيفَ أصنع؟ قَالَ: اثقبي أذنيها، واخفضيها، والخفض هُوَ الْخِتَان، فَفعلت ذَلِك بهَا، فَوضعت هَاجر ـ رَضِي الله عَنْهَا ـ فِي أذنيها قرطين، فازدادت بهما حسنًا. انتهى.

وقد ذكر القصة أيضا ابن الجوزي في أخبار النساء، والسهيلي في الروض الأنف، وابن القيم في كتابيه روضة المحبين، وتحفة المودود، وابن كثير في البداية والنهاية، والمتقي الهندي في كنز العمال، وغيرهم.
وأشار إلى هذه القصة بصيغة التمريض الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في الفتح حيث قال: وَيُقَال: إِنَّ إِبْرَاهِيم شَفَعَ فِيهَا، وَقَالَ لِسَارَةَ: حَلِّلِي يَمِينك بِأَنْ تَثْقُبِي أُذُنَيْهَا، وَتَخْفِضِيهَا، وَكَانَتْ أَوَّل مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني