الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخبار الأم أهلها وأقاربها بالنعم التي تحدث لابنها

السؤال

الإخوة الكرام: أمي ـ ربنا يعطيها العافية ـ لدي معها اختلاف في وجهة نظر معينة، وأطلب الرد الوافي الشافي حتى أطلعها على ردكم. والموضوع هو: أنني ـ وكمثال ـ في بعض الأحيان تحصل لي ترقية في العمل أو زيادة راتب، وبحكم أنها أمي أطلعها على هذه الأمور من باب إفراحها وإدخال المسرة عليها، لكن المشكلة أنها لا تحتفظ بمثل تلك الخصوصيات، وتحدث بها الأهل والأقارب، ولما أحدثها أنه لا يهمهم هذا تقول لي: وأما بنعمة ربك فحدث ـ فلابد أن تتحدث بتلك النعمة التي أنعم الله عليك بها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالتحدث بنعم الله تعالى أمر مطلوب شرعا، كما في قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {الضحى: 11}.

وروى أحمد في المسند، والبيهقي في الشعب بسند حسنه الألباني، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ. اهـ.

ولكن من خشي الحسد إن هو تحدث بنعمة الله تعالى جاز له كتمانها وعدم التحدث بها، كما يدل عليه قوله عز وجل عن يعقوب أنه قال لابنه يوسف عليهما السلام: قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ {يوسف: 5}.

قال الجصاص في أحكام القرآن: عَلِمَ أَنَّهُ إنْ قَصَّهَا عَلَيْهِمْ حَسَدُوهُ وَطَلَبُوا كَيْدَهُ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ تَرْكِ إظْهَارِ النِّعْمَةِ وَكِتْمَانِهِ عِنْدَ مَنْ يُخْشَى حَسَدُهُ وَكَيْدُهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِإِظْهَارِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّك فَحَدِّثْ. اهـ.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 118908، عن أحوال وحكم التحدث بالنعم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني