الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق زوجته الطلقة الثالثة وهو في غضب شديد

السؤال

لي صديق طلق زوجته الطلقة الثالثة وزوجته حامل، وكان هو في غضب شديد تقاتل هو وأخوه الكبير وهدده بالقتل إن لم يخرج من بيته، وخرج أخوه من بيته عند منتصف الليل حتى اصطلحا ورجع أخوه في الليل الثاني، هل يجوز إرجاعها؟.
أفتونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالغضب على ثلاثة أقسام كما بينه ابن القيم ـ رحمه الله ـ أَحَدُهَا: مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ، فَلَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِمَا قَالَ، وَهَذَا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ بِلَا نِزَاعٍ، وَالثَّانِي: مَا يَكُونُ فِي مَبَادِيهِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَقُولُ وَقَصْدِهِ، فَهَذَا يَقَعُ طَلَاقُهُ، الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَحْكِمَ وَيَشْتَدَّ بِهِ، فَلَا يُزِيلُ عَقْلَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَكِنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِيَّتِهِ بِحَيْثُ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ إِذَا زَالَ، فَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ.

والمفتى به عندنا في الحال الثالثة التي ذكرها ابن القيم هو: وقوع الطلاق؛ خلافًا لما اختاره ابن القيم ـ رحمه الله ـ من عدم الوقوع، والعامي يقلد من يثق به من أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 120640.

وعلى ما نفتي به فإن كان صديقك هذا قد طلق امرأته في حال غضب شديد بحيث كان مغلوبًا على عقله لا يدري ما يقول، فطلاقه غير واقع، وأما إن كان حين طلق عاقلًا يدري ما يقول، فطلاقه واقع، وانظر الفتوى رقم: 258229، وحيث كان طلاق صاحبك هذا واقعًا فليس له ارتجاع زوجته لكون هذه آخر تطليقة، بل لا يجوز له تزوجها حتى تنكح زوجًا غيره ويطلقها أو يموت عنها، وأما حيث كان طلاقه غير واقع فإنها لا تزال في عصمته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني