الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الديون من موانع إجابة الدعاء؟

السؤال

هل الدَّيْنُ -ما على الشخص من نقود للغير- يمنع استجابة الدعاء؟ وإن كان هذا صحيحا فهل كفارة اليمين -إن كانت إطعام عشرة مساكين- أو أي كفارة أخرى تعد من الدين الذي يمنع استجابة الدعاء؟
جزاكم الله كل خير، ووفقكم إلى ما يحب ويرضى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن لاستجابة الدعاء شروطًا وأسبابًا ينبغي للداعي أن يراعيها ويأخذ بها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11571.

وقد ذكرنا بعض موانع استجابة الدعاء في الفتوى رقم: 232450.

وبخصوص الديون التي تكون على الشخص: فإن كان غير مماطل في قضائها فلا إثم عليه بشأنها، وبالتالي؛ لا وجه لكونها من موانع إجابة الدعاء. أما إن كان مماطلًا في قضائها مع قدرته على ذلك فهو محل النظر؛ لأنه بذلك يكون واقعًا في معصية الله تعالى، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته. رواه البخاري، وأحمد، وأبو داود، وغيرهم -بألفاظ مختلفة-.

والوقوع في المعصية عمومًا مدعاة لعدم إجابة الدعاء؛ جاء في الحصن الحصين لمحمد بن علي الشوكاني: قوله: وآكدها تجنب الحرام مأكلا ومشربا وملبسا ـ أقول: وجه ذلك أن ملابسة المعصية مقتضية لعدم الإجابة إلا إذا تفضل الله على عبده، وهو ذو الفضل العظيم، ومما يدل على هذا قوله -عز وجل-: إنما يتقبل الله من المتقين. انتهى.

وعليه؛ فمن كانت عليه ديون يماطل في قضائها مع قدرته على ذلك، أو كانت عليه كفارات لم يخرجها مع القدرة، فهو مقيم على معصية الله، وقد يكون ذلك مانعًا من إجابة دعائه -كما أشرنا آنفًا-، وإن كنا لا نقطع بذلك؛ فالله -سبحانه وتعالى- قد يستجيب للعاصي تفضلًا منه، أو استدراجًا له، بل يستجيب للكافر أحيانا، كما قال تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ {العنكبوت:65}.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9554، 54062، 269989.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني