الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة المأموم إذا بطلت صلاة الإمام

السؤال

أنا صَلَّيْتَ بجماعة، وكان لي شعر طويل، كبرت للصلاة وكانت صلاة المغرب، وكان فيه رجل كبير في السن يقول لي وأنا أصلي ترى صلاتي بذمك، ويقول أشياء ثانية؛ لأن شعري طويل وكانت صلاة المغرب، وما قدرت أن أركز في الصلاة فقطعتها ثم أكملتها بدون نية، فخرجت من المسجد وأعدت الصلاة، سؤالي: هل يجب علي أن أقول للذين صلوا معي أن يعيدوا صلاتهم أم ماذا أفعل؟ أتمنى أن تجيبوني بسرعة.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقطع الصلاة المفروضة عمداً من غير مسوغ شرعي محرم باتفاق العلماء؛ لما في ذلك من العبث بالعبادة الذي يتنافى مع حرمتها، ومكانتها، ولقول الله سبحانه: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}.

واستدامة النية شرط في صحة الصلاة، فمن نوى قطع الصلاة بطلت صلاته، كما بينا في الفتوى رقم: 129656.

وعليه، فما دمت قد قطعت نية الصلاة وأكملتها بدون نية فقد فعلت فعلا محرما تجب منه التوبة إلى الله تعالى، وقد بَطلت صلاتك تلك، ولم يكن لك التمادي في صلاة باطلة، بل كان الواجب عليك الخروج منها واستئنافها.

وأما عن وجوب إخبارك للمصلين بعد أن حصل منك ما حصل وانتهت الصلاة، ففي وجوبه خلاف ينبني على اختلاف الفقهاء في بطلان صلاة المأموم في هذه الحالة من عدم بطلانها، وقد بينا في الفتوى رقم: 46834، مذاهب أهل العلم في ذلك.

والذي يظهر رجحانه ـ والله أعلم ـ هو عدم البطلان؛ لأن المأموم في هذه الحال معذور بجهله لما أقدم عليه الإمام من إبطال صلاته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

يقول العثيمين: والصحيح في هذه المسألة: أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ، وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم: هل أنت على وُضُوءٍ أم لا؟ وهل عليك جنابةٌ أم لا؟ فإذا كان هذا لا يلزمُهم وصَلَّى بهم وهو يعلم أنه مُحدثٌ، فكيف تَبطلُ صلاتُهم؟!! وههنا قاعدةٌ مهمَّةٌ جداً وهي: «أنَّ مَن فَعَلَ شيئاً على وَجْهٍ صحيحٍ بمقتضى الدَّليلِ الشَّرعي، فإنَّه لا يمكن إبطالُه إلا بدليلٍ شرعيٍّ»، لأننا لو أبطلنا ما قامَ الدليلُ على صحَّتِهِ لكان في هذا قولٌ بلا عِلْمٍ على الشرعِ، وإعنات للمكلف ومشقَّةٌ عليه، فهم فعلوا ما أُمِرُوا به مِن الاقتداء بهذا الإِمامِ، وما لم يكلَّفوا به فإنَّه لا يلزمهم حُكمه. اهـ

ويقول عبد الرحمن بن ناصر السعدي: الذي نختار أن المأموم المعذور الذي لا يعلم حدث إمامه ولا نجاسته، أن صلاته صحيحة ولو كان الإمام عالمًا بحدث نفسه ونجاسته؛ لأن لكل نفس ما كسبت، وعليها ما اكتسبت، والمأموم لم يحصل له من مبطلات الصلاة ومفسداتها شيء، فكيف يحكم ببطلان صلاته؟! اهـ

وعلى هذا فلا يلزمك إخبار المصلين بما حصل؛ لأن صلاتهم صحيحة على القول المرجح عندنا.

وراجع الفتوى رقم: 241294، بخصوص إطالة الشعر .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني