الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسر أم يجهر من يقضي فائتة الظهر إذا اقتدى بمن يصلي العشاء

السؤال

بعد صلاتي الفروض وراء الإمام بالمسجد أحيانا أقضي بعض ما عليّ من فوائت، فاليوم بعد صلاة العشاء عند قضائي لظهر فائت صلى بجانبي أخ بنية أدائه العشاء في جماعة معي وأدرك الأربع ركعات، وأنا كنت أقضي ظهرا فائتا، فحدث أني أسررت القراءة؛ لأن الظهر صلاة سرية.
بعد انتهاء الصلاة قال لي: ماذا كنت تصلي يا أخي؟ قلت له: أقضي ظهرا فائتا، وأنت دخلت معي بنية أدائك صلاة العشاء، وأنت اعتقدت أني أصلي نوافل -الشفع والوتر- فصلاة كلينا صحيحة -إن شاء الله-. فقال لي: تقبل الله منا ومنك.
سؤالي: هل كان يجب أن أجهر بالقراءة له؛ لأنه يصلي عشاء أم إسراري القراءة صحيح؟ وهل كلامي صحيح بأن صلاة كلينا صحيحة؟
وزادكم الله وإيانا علما ووعيا بأمور الدين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا مسألتان:

الأولى: حكم الجهر أو الإسرار في الصلاة المقضية، وللعلماء في ذلك خلاف بيناه في الفتوى رقم: 244714. فالكثير منهم على أن الصلاة تقضى كما فاتت؛ فإن كانت سرية أسر فيها، وإن كانت جهرية جهر فيها، وقد قال بهذا من المتأخرين: الشيخ/ ابن باز، والشيخ/ ابن عثيمين -رحمهما الله-، وساق ابن عثيمين أدلة لترجيح هذا القول، كما بينا في الفتوى المحال عليها .

الثانية: اقتداء من يصلي قضاء بمن يصلي أداء أو العكس، وللعلماء -أيضًا- فيه خلاف بيناه في الفتوى رقم: 279019، والجمهور على أنه لا يصح، وقال الشافعية بصحته، وهو الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 24949.

ولا فرق -على القول بالصحة- بين أن تختلف عين صلاة المأموم عن صلاة الإمام، كما في الحالة المسؤول عنها أو تتفقا؛ يقول العلامة/ ابن عثيمين -رحمه الله-: إذا كان السبب شرعيًّا وأتى إلى المسجد وهم يصلون العصر فهو بالخيار؛ إن شاء صلى معهم بنية العصر، فإذا فرغوا صلى الظهر، ويسقط الترتيب حينئذ؛ لئلا تفوت الجماعة، وإن شاء صلى معهم العصر بنية الظهر، ولا يضر اختلاف النية؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا) (1). فبين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معنى الاختلاف عليه، ولهذا جاءت (لا تختلفوا عليه)، ولم يقل (لا تختلفوا عنه)، بل قال: (عليه) مما يدل على أن المراد المخالفة في الأفعال، وقد فسر ذلك في نفس الحديث فقال: (فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا...) إلخ. أما النية: فإنها عمل باطن لا يظهر فيها الاختلاف على الإمام ولو اختلفت، وعلى هذا؛ فإنه يدخل معهم بنية الظهر وإن كانوا يصلون العصر، ثم إذا انتهوا من الصلاة يأتي بصلاة العصر، وهذا عندي أولى من الوجه الذي قبله. اهـ. بتصرف يسير.

وبهذا تعلم: أن ما فعلت من الإسرار في الصلاة المقضية صحيح موافق لمذهب الجمهور، وكذا ما أخبرت به من صحة صلاة من اقتدى بك، فإنه موافق لمذهب الشافعية، وهو الراجح كما قدمنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني