الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم راتب وعمولة المندوب الذي يدفع رشوة لتسويق منتجات شركته

السؤال

أعمل في شركة للمستحضرات العشبية الطبية في قسم المبيعات، ومنتجات الشركة كلها طبيعية 100% ، ولكن المشكلة في التسويق لهذه المنتجات، فإننا وجدنا معظم الأطباء لا يفاضلون بين هذه المنتجات ونظائرها إلا من خلال تقديم مبلغ من المال للطبيب نظير أن يوصي بهذه المنتجات ـ التي هي في الأصل ليست علاجية، والطبيب والمريض كلاهما يعلم ذلك ـ لمرضاه، كغسول للفم يحتوي على قرنفل ونعناع وغيرها من الأعشاب التي تستخدم للصحة العامة كمعجون الأسنان وليس للعلاج، فتضطر الشركة لتقديم مبلغ من المال للطبيب أو خصومات الصيدلي نظير ذلك من خلالنا كمندوبين حتى لا تبور المنتجات وتكسد تجارة الشركة، فهل أنا كمندوب راتبي وعمولتي من هذه الشركة حلال أم حرام؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمندوب دفع هدية للطبيب نظير أن يوصي بشراء هذه المستحضرات العشبية الطبية، كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 198329، 56028 ، 282304.

فعليك أن تكف عن دفع هذه الرشا، ولو أدى ذلك إلى تركك العمل المستلزم لهذا المحظور، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}

وما يأخذه المندوب من عمولة مقابل قيامه بدفع الرشا لا يحل له، وعليه صرفه في وجوه الخير ومصالح المسلمين وأما خصم السعر الذي يقدم إلى الصيادلة، فراجع بشأنه الفتوى رقم: 201580، وإحالاتها.

وليعلم القائمون على تلك الشركة أن الرزق وسعته وضيقه ورواج التجارة وكسادها كل ذلك مقدر عند الله عز وجل، قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود: 4}.

وقال سبحانه: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ {العنكبوت: 60}.

والإنسان مهما سعى في طلب الرزق فلن يأتيه إلا ما كتبه الله له، ومهما حيل بينه وبين رزقه، فإن رزقه آتيه كما يأتيه أجله، فقد روى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله. الحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.

وأيضا: فإن ما عند الله لا يطلب بمعصيته, وقد جاء في الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها, وتستوعب رزقها, فاتقوا الله, وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن ماجه.

وفي الحديث: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني والأرناؤوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني