الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تجرعت ويلات زوجها مع بخله وامتناعه عن النفقة

السؤال

زوجي يسيء معاملتي: يشتمني، ويهينني أمام الناس جميعا، بخيل، لا ينفق علي، ولا على ابنته، طماع، يستأنس بالحديث مع النساء، ويهينني حين أعاتبهن. أخذ مالي، ومهري لأكثر من سنتين، واستمر في معاملتي معاملة سيئة جدا، بالرغم من أنه يحفظ كتاب الله، إلا أنه لا يتقي الله في، ويحرض أهله علي بالرغم من أنهم لا يعرفونني؛ لأنني أعيش في الغربة، ولم أعرف إن كان كل الرجال مثله، صبرت على أذاه، والآن بعد ثلاث سنوات استرجعت مالي من أهله، وتجرعت الويل. بصراحة كرهت المتدينين من ورائه، وأكاد أكفر، وأصبحت فظة، غليظة لا أطاق مثله. كنت فتاة نقية، وأخاف على ديني إن بقيت معه، ولي منه ولد.
شيوخنا الأفاضل: أنا لا أستطيع شرح ما أعيشه معه، ولن يتغير، وصراحة أريد الطلاق.
فهلا أفتيتموني؟
شاب شعر رأسي من منكره، يتودد للجميع، ويؤذيني بعد ثلاث سنوات من الزواج فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك على ما ذكرت من كونه يشتمك، ويهينك، فإنه مسيء بذلك، وهذا من شأن اللئام، فالكرام يحسنون عشرة زوجاتهم؛ امتثالا لأمر الرب تبارك وتعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، فالكريم إذا أحب المرأة أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، فإما أن يمسك بمعروف، أو يفارق بإحسان.

والبخل صفة ذميمة، استعاذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكسل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من البخل. ومن أسوأ البخل أن يبخل الرجل بما يجب عليه تجاه زوجته وولده، ومن حق المرأة في هذه الحالة أن تأخذ من ماله -دون علمه- مقدار نفقتها، ونفقة ولدها منه، وراجعي الفتوى رقم: 20845، والفتوى رقم: 19453.
ومن السوء أيضا ما ذكرت عنه من أنه يأخذ مالك بغير طيب نفس منك، واستئناسه بمحادثة النساء، فهذا كله من المنكرات، وانظري الفتوى رقم: 9116، والفتوى رقم: 21582.

فينبغي أن ينصح هذا الزوج، ويخوف بالله تعالى، خاصة وأنه حافظ لكتاب الله، فمثله أحق بأن يتقي الله، وإثمه أعظم إن لم يتب إلى الله تعالى. فإن تاب إلى الله وأناب، فالحمد لله، وإلا فلك الحق في طلب الطلاق دفعا للضرر عن نفسك، فلا تجعلي نفسك في هذا الحرج وقد وسع الله عليك، وراجعي الفتوى رقم: 37112.

ويجب أن تكوني على حذر من سحب تصرفاته هذه على كل متدين، فهذا من الظلم. والأسوأ ما ذكرت من التفكير في الكفر، فهذا أمر خطير يجب عليك مدافعته، فدين الله تعالى شيء، وتصرفات الخلق شيء آخر، فلا ارتباط لهذا بهذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني