الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول ابن عباس: إن آية(أولم تؤمن قال بلى) أرجى من آية(قل يا عبادي الذين أسرفوا)

السؤال

ما معنى قول ابن عباس: إن هذه الآية: أو لم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي ـ أرجى عنده من آية: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم؟ وما المقصود بكلمة: أرجى؟ وما سبب قوله ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالرجاء هو الطمع والأمل، وهو ضد اليأس، جاء في لسان العرب: الرَّجَاءُ مِنَ الأَمَلِ: نَقِيضُ اليَأْسِ. اهـ.

وكلمة: أرجى ـ أفعل تفضيل من الرجاء، وتدل على المبالغة في الرجاء، أي أن الآية المذكورة هي أكثر الآيات رجاء عند ابن عباس، وهذا الأثر قال عنه ابن حجر في فتح الباري بعد نقله لكلام الطبري فيه، قال:... أخرجه هو وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم من طريق عبد العزيز الماجشون، عن محمد بن المنكدر، عن ابن عباس قال: أرجى آية في القرآن هذه الآية: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى ـ الآية، قال ابن عباس: هذا لما يعرض في الصدور ويوسوس به الشيطان، فرضي الله من إبراهيم عليه السلام بأن قال: بلى، ومن طريق معمر عن قتادة عن ابن عباس نحوه، ومن طريق علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس نحوه، وهذه طرق يشد بعضها بعضا وإلى ذلك جنح عطاء. اهـ.

أما سبب كون الآية المذكورة أرجى عند ابن عباس من آية الزمر: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فقد أشار إليه ـ رضي الله عنه ـ بنفسه، وهو أن آية البقرة دالة على أن الإيمان كاف دون الحاجة إلى بحث، فكانت بذلك أكثر الآيات رجاء عنده، جاء في تفسير ابن كثير: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني ابن أبي سلمة عن محمد بن المنكدر، أنه قال: التقى عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله عز وجل: ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ـ الآية، فقال ابن عباس: لكن أنا أقول : قول الله: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ـ فرضي من إبراهيم قوله: بلى، قال: فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان. اهـ.

وفي فتح القدير للشوكاني: وأما قول ابن عباس: هي أرجى آية ـ فمن حيث إن فيها الإدلال على الله وسؤال الإحياء في الدنيا، وليست مظنة ذلك، ويجوز أن نقول هي أرجى آية لقوله: أولم تؤمن ـ أي أن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني