الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفراق عند تعذر الحياة الزوجية أفضل

السؤال

أولا أريد شكركم على كل المجهودات التي تقومون بها خاصة في غياب مراكز الإفتاء في بعض الدول الإسلامية أو الغربية، جعله الله في ميزان حسناتكم، وكل من ساهم في هذا الموقع.
سؤالي لكم هذا يؤرقني ويجعلني تائها خائفا خاصة من عقاب الله عز وجل.
أنا شاب ارتبطت ببنت مثقفة من عائلة ـ والحمد لله ـ وكان الحب والرحمة أساس هذا البيت حتى اشتعلت نار الحقد والغيرة والطمع من أهلها الذين حولوا حياتي إلى جحيم بتخبيب زوجتي علي وتحريضها على النشوز وإجباري على فعل ما يحلو لهم، وفي آخر مرة أخذوا زوجتي بعد شجار كبير بيني وبين والدها، وفي الأخير رفضت العودة بسبب عائلتها، وطلبت شروطا استفزازية، ورغم توسيطي لديهم من أهل العلم والصلاح رفض والدها عودتها رغم موافقتها للعودة مع الابن الذي بلغ 6 أشهر من العمر.
كما أنها أبدت الرغبة في العودة أمام القاضي في المحكمة وعند دخول والدها رفض تكبرا وتعاليا منه، فطلبت الخلع بلا سبب فقط انصياعا إلى قرار والدها، وللأسف قانون البلاد يسمح بالخلع بدون موافقة الزوج وبدون وجود سبب.
كما أنها اتهمتني بإهمالها نفسيا، وهذا بسبب كثرة وعظها وهجرها لعلها تعود عن كثرة المشاكل وترك المفاسد، خاصة بإنقاص عدد زياراتها لأهلها أو منعها لأنهم هم السبب الأساسي للمشاكل، كما اتهمتني بضربها وهذا بعد ما نهيت عشرات المرات وهجرتها في الكلام عدة مرات، لكن لا حياة لمن تنادي، فأحيانا تتسلط أو ترفع صوتها فأرفع يدي عليها محاولا اسكاتها وتأديبها فتسقط السماء ولا ترفعها، فأبدأ بإرضائها كالطفلة الصغيرة، وهي لا تريد أن تفهم أن هذا شرع الله وهو من حقي.
هل هذا الخلع صحيح شرعا رغم أني لم أوافق عليه ولم أقبل بالتعويض ولا أرى سببا للطلاق، خاصة بأن لا مشكل بيني وبين زوجتي بل بيني وبين أهلها، وأعلمكم أن القوانين وضعية في بلادي لا تحتكم إلى الشرع، والقاضي لا يحكم بشرع الله بل بالقوانين؛ بحيث وافقت الزوجة على الرجوع أمام القاضي فرفض الوالد، ولم يقم القاضي بأي إجراءات، كما أن زوجتي لم تقر لا بكره ولا ببغض زوجها، وإنما فعل بها كل ذلك جهلها ونقص دينها، والأكثر من ذلك تخبيب عائلتها.
ابنى لم أستطع زيارته بسبب أهلها، ومحاولتهم الإضرار بي، واعتماد الطفل كورقة ضغط علي للرضوخ لهم بعد الخلع، كما أنها تسكن مع أهلها في مدينة بعيدة، ولم يسمح لي الحكم الصادر من المحكمة سوى بزيارة ساعتين في الأسبوع، وبصدق لا آمن على نفسي منهم.
فهل أعتبر من قطاع الرحم رغم توفيري لابني المسكن وأجرة النفقة الغذائية ومختلف الحاجيات عن طريق إرسال المال إلى حسابها؟.
يشهد الله عز وجل كم أريد رؤية ابني وتقبيله وتربيته، وإنه لا يفارق خيالي ولا أحلامي، ولكن قدر الله وما شاء فعل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك كل عمل صالح، وأن يوفقنا إلى طاعته وخدمة دينه، ولا شك في أنه لا يجوز للمرأة طلب الخلع أو الطلاق لغير مسوغ شرعي، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 29948، ويحرم شرعا تحريض أهل الزوجة ابنتهم على النشوز وعدم طاعة زوجها، وانظر الفتوى رقم: 72400، وطاعتها زوجها مقدمة على طاعة الوالدين عند التعارض، كما هو مبين في الفتوى رقم: 132227.

وسبق أيضا أن بينا كلام أهل العلم في حكم الخلع بغير رضا الزوج، فراجع الفتوى رقم: 137038، هذا بالإضافة إلى أن حكم المحاكم الوضعية بالطلاق أو الخلع غير معتبر شرعا؛ كما أوضحنا في الفتوى رقم: 31739.

وقد أحسنت بقيامك بما يجب عليك تجاه ابنك من النفقة ونحوها، فهذا أيضا من صلة الرحم، وأما الزيارة فقم يما يتيسر لك، فإذا عجزت ومنعك مانع شرعي فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا تعتبر بذلك قاطعا للرحم.

وما دامت هذه المرأة قد استحالت عشرتها، ولم تجد محاولات الإصلاح، فمن الأفضل فراقها، فطلقها عسى الله تعالى أن يبدلك خيرا منها، قال تعالى: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني