الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتباه المحرم بالمباح.. رؤية شرعية

السؤال

شيوخنا الأفاضل: جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه لنا.
ورد في الموقع العديد من الفتاوى التي تخص استخدام الكحول في بعض المركبات، وكانت الإجابة أن هناك كحولا مسكرا نجسا، لا يجوز استخدامه، وكحولا غير مسكر، غير نجس، يجوز استخدامه. هذه القاعدة الفقهية العامة. ثم تشيرون في نهاية الجواب بسؤال أهل الاختصاص.
معذرة أنتم بهذا الجواب لا تفيدون السائل في شيء، ويظل في حيرة من أمره.
أنا نفسي حاولت مرارا وتكرارا سؤال متخصصين في علوم الكيمياء عن هذا الأمر، وكانت الإجابة: لا نعلم، حتى إنني فكرت أن أحضر حيوانات تجارب، وأعطيها أنواع الكحول المختلفة، وألاحظ ما يسكر، وما لا يسكر، ولكن هذا الأمر ليس باليسير، وغالبا ما أفكر أن أجتنب استخدام هذه الأشياء للاحتراز، ولكنها للأسف منتشرة بشكل كبير حتى إن والدتي وصف لها دواء يعطى عن طريق الحقن، وطلبت مني أن أعطيه لها، وكان يحتوي على كحول.
فهل في هذه الحالة أكون آثمة إذا أعطيته لها، أم أكون آثمة إذا رفضت أن أعطيه لها.
أنتم تستطيعون أن تصلوا إلى أهل الاختصاص، وتعرفون منهم حقيقة الأمر حتى تتسنى لكم الإجابة على الأسئلة إجابة شافية كافية.
هذه مجموعة المواد التي تكتب على الأدوية، والكريمات، وغيرها، أرجو أن توضحوا لنا حقيقة الأمر.
acetyle alcohol
benzyle alcohol
alcohol denat
glycerin
sorbitol
propelen glycol
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالأمر في الكحول كما ذكرنا من أن فيها ما هو مسكر نجس، ومنها ما هو سم قاتل وليس مسكرا نجسا، فهو طاهر، وإذا اشتبه على الإنسان الكحول من أي النوعين هو، وتعذر عليه العلم: فإنه يجري فيه كلام الفقهاء فيمن اشتبه عليه طاهر بنجس، ولم يكن في اجتنابهما مشقة: أنه يجب اجتنابهما من غير تحرٍّ.

قال أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في كتابه اللمع في أصول الفقه: إذا أمر باجتناب شيء، ولم يمكنه الاجتناب إلا باجتناب غيره، فهذا على ضربين: أحدهما: أن يكون في اجتناب الجميع مشقة، فيسقط حكم المحرم فيه، فيسقط عنه فرض الاجتناب، وهو كما إذا وقع في الماء الكثير نجاسة، أو اختلطت أخته بنساء بلد، فلا يمنع من الوضوء بالماء، ولا من نكاح نساء ذلك البلد.

والثاني: أن لا يكون في اجتناب الجميع مشقة، فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يكون المحرم مختلطا بالمباح كالنجاسة في الماء القليل، فيجب اجتناب الجميع.

والثاني: أن يكون غير مختلط إلا أنه لا يعرف المباح بعينه. فهذا على ضربين: ضرب يجوز فيه التحري، وهو كالماء الطاهر إذا اشتبه بالماء النجس فيتحرى فيه. وضرب لا يجوز فيه التحري، وهو الأخت إذا اختلطت بأجنبية، والماء إذا اشتبه بالبول، فيجب اجتناب الجميع. اهـ.

واشتباه الكحول المسكرة، بغير المسكرة، من هذا الباب الأخير، كاشتباه الماء بالبول، يجب اجتناب الجميع إذا كان المراد منه التعطر؛ لأنه لا مشقة في اجتنابه. وأما إذا كان منه العلاج، فإنه يدخل فيما في تركه مشقة، فيسقط حكم المحرم، ويجوز استعمال المشتبه منه.

فإذا احتاجت والدتك إلى العلاج بما فيه كحول، ولم تعلموا هل هو من قبيل الطاهر أو النجس، وشق عليكم إيجاد علاج بديل، فلا حرج في استعماله. وانظري الفتوى رقم: 188401 عن حكم التداوي بما فيه كحول.
وانظري أيضا للفائدة الفتوى رقم: 156733.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني