الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال لنصراني: ابحث عن رب تحس بأنك الأقرب إليه ومحمي من الشر معه

السؤال

عندى استفسار عن الحديث: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" ذات مرة كنت أحدث صديقي النصراني وكان يكلمني عن الدين وعن قدر تغير نظراته لدينه وما شابه، فقلت له "ابحث عن رب تحس بأنك الأقرب إليه ومحمي من الشر معه" فهل أكون بذلك الكلام قد أضللته؟ وإذا اتبع كلامي وراح يؤمن بشيء غير الله؛ لأنه "أحس بالطمأنينة والقرب إليه" أتحمل أنا أوزاره وكفره؟ فإن كان الله تعالى قال: "إن الله لا يغفر أن يشرك به" فهل حقت علي النار، مع العلم بأني مؤمن؟ ولكنى أرجع وأفكر في الآية "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم..." إلى نهايتها، فإني مؤمن وعبد الله، فهل سيغفر الله لي كفر الرجل الذي قد أكون أضللت؟.
شكرا جزيلا وجزاكم الله خيرا وفيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن هناك من النصائح ما هو أنفع وأقرب وأفضل مما نصحت به صاحبك! ومع ذلك فالذي يظهر من حالك أنك أردت بما قلته دلالته على الله تعالى؛ فإنه سبحانه قريب من عباده كما أخبر بذلك عن نفسه، وهو الذي لا يدفع الضر غيره، ولا يجلب النفع سواه، كما قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107}، وهو الذي يحفظ عباده ويعلم أحوالهم، كما قال تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ {الرعد:8/9/10/11}، قال الجلال المحلي في تفسير: {من أمر الله} أي بأمره. اهـ.
فإن فرضنا أن صاحبك لم يفهم ذلك، ولم يتبين له مرادك من كلمتك، فعبد غير الله تعالى! فلست أنت من أضللته، وإنما انتقل هو من ضلال إلى ضلال، فذنبه على نفسه بما اكتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ {النساء:111}، وقال عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ {يونس:108}، وقال: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {الإسراء:15}، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 70789.
والذي ينبغي الاهتمام به الآن: أن تسعى وتجتهد في دعوة صاحبك هذا إلى الإسلام، وتبين له الدين الحق، ويمكنك أن تستعين على ذلك بسماع محاضرة (كيف تدعو نصرانيا إلى الإسلام) للشيخ المنجد، وتجدها على موقعنا على هذا الرابط:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=141495

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني