الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صرف الجمعية جزءا من أموال المتبرعين على المصروفات الإدارية ورواتب العاملين بها

السؤال

الموضوع: طلب فتوى بشأن مصارف إيرادات التبرعات الخاصة بالمرضى، نود في بادئ الأمر تعريفكم بلمحة بسيطة عن الجمعية وأهدافها وطرق تمويلها، فالجمعية واحدة من المنظمات الخيرية الإنسانية والتي تهدف إلى زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع بمرض السرطان وكيفية الوقاية منه عن طريق التنظيم والمشاركة في الفعاليات والاحتفاليات المحلية الهادفة إلى نشر الوعي من خلال الأنشطة المصاحبة والمطبوعات والمنشورات التثقيفية المختلفه، وتدعم البحوث والدراسات الخاصة بالسرطان والاطلاع على أحدث الوسائل العلاجية لمواجهة هذا المرض، وتقسم مصروفات الجمعية كما يلي:
1ـ المصروفات التشغيلية: وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ‌ـ مصروفات علاج المرضى.
ب‌ ـ مصروفات خاصة بجمع التبرعات للمرضى مثل: رواتب المحصلين والعدد والأدوات المخصصة لجمع التبرعات.
ت‌ ـ المصاريف الخاصة بالتوعية مثل: الأنشطة التثقيفية ورواتب القائمين عليها.
2ـ المصروفات الإدارية: وتشمل رواتب الإداريين والمصروفات الخاصة بالأنشطة الإدارية.
كما تقسم مصادر التمويل للجمعية كما يلي:
1ـ تبرعات خاصة بالمرضى لتغطية مصاريف علاج المرضى.
2ـ تبرعات خاصة بأنشطة الجمعية لتغطية الأنشطة والمصروفات.
3ـ دعم عام مقدم من الدولة لتغطية الأنشطة والمصروفات.
مع العلم بأن التبرعات الخاصة بالمرضى تفيض عن مصاريف علاجهم، وأن التبرعات الخاصة بأنشطة الجمعية والدعم المقدم من الدولة لا تكفي لتغطية الأنشطة والمصاريف.
وتقسم طرق تحصيل التبرعات كما يلي:
1ـ عن طريق طاولات التحصيل، وتكون عن طريق إيصالات استلام لا تحدد مصرف التبرع، أو عن طريق قسائم تبرع ـ كوبونات ـ مصنفة حسب الجدول أدناه:
1ـ كفالة سرير: 5ـ دفع بلاء.
2ـ علاج مرضى السرطان: 6ـ داووا مرضاكم بالصدقة.
3ـ صدقة جارية: 7ـ فرج كربة.
4ـ إعانة أطفال مرضى السرطان: 8ـ دعم برامج التوعية.
2ـ عن الصناديق، ولا يتم تحديد أوجه الصرف فيها من قبل المتبرع.
3ـ عن طريق التبرع المباشر من المتبرع إلى الجمعية، ويحدد المتبرع فيه وجه الصرف بتخصيصه لمصاريف المرضى أو مصاريف الجمعية.
وبناءً على ماسبق، نرجو التكرم بإفادتنا بفتوى حول النقاط التالية:
أولاً: هل من الممكن استقطاع جزء من المبالغ التي يتم تحصيلها لنفقات علاج المرضى ـ والتي يتم تحصيلها عن طريق قسم التحصيل أو ما يتم التبرع به بشكل مباشر ـ للصرف منها على الآتي:
أ‌ـ الرواتب والمصروفات المباشرة لقسم التحصيل مثل طباعة قسائم التحصيل أو قيمة عمل طاولات التحصيل في المواقع.
ب‌ ـ المصروفات الإدارية والتشغيلية الخاصة بالجمعية مثل رواتب الموظفين الإداريين والعاملين، أو القرطاسية أو مصاريف الصيانة وغيرها من المصروفات الإدارية.
ثانياً: في حال كان الجواب في النقطة الأولى بإمكانية استقطاع مبلغ للصرف منه، فهل هنالك نسبة محددة للاستقطاع من تلك الإيرادات؟ وما هي تلك النسبة؟ وهل هناك أوجه محددة للصرف عليها من تلك النسبة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يجزيكم خيراً على ما تقومون به من جهد مشكور، وعمل مأجور ـ بإذن الله ـ فالدال على الخير كفاعله، وقد ورد كثير من الترغيب في السعي في قضاء حوائج الناس، فمن ذلك ما في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

ومن ذلك ما في مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.. إلى آخر الحديث.

كما أن هذا من التعاون على البر، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى {المائدة:2}.

وأما ما سألت عنه، فجوابه: أن الأصل في هذه الجمعيات أنها وكيل في التصرف فيما يرد إليها من أموال، والوكيل لا يتصرف إلا في حدود ما أذن له موكله، فإذا شرط الموكل شرطاً وجب عليه الالتزام بشرطه ولم تجز له مخالفته، وإذا لم يشترط الموكل شرطاً معيناً، جاز للوكيل التصرف بما تقتضيه المصلحة، لما جاء في صحيح البخاري عن معن بن يزيد بن الأخنس ـ رضي الله عنهم ـ قال: كان أبو يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن.

قال العيني في عمدة القاري: يزيد أعطى دنانير للرجل ليتصدق عنه ولم يحجر عليه، أي لم يعين له مصرفا خاصا يصرفها فيه، فدل هذا على أن للوكيل الذي لم تعين له جهة بعينها أن يجتهد في وضع المال فيما يرى فيه الخير.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في لقاء الباب المفتوح عن رجل يعطي شخصاً آخر مبلغاً من المال ليصرفه على مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذا الشخص جمع مبلغاً من هذا المال واشترى سيارة كبيرة يقول إنها للتحفيظ ولكنه سجلها باسمه، فما حكم هذا العمل؟ فأجاب رحمه الله:.... ما يختص بصرف المال الذي أعطيه، إن كان لمصلحة المدرسة عامة، فلا بأس أن يشتري سيارة لمصلحة المدرسة، وإن كان معينا للمعلمين والطلبة، فإنه لا يجوز صرفه لغيرهم.

وعلى هذا، فالتبرعات التي قد عين المتبرع لها مصرفا خاصا كعلاج المرضى مثلا، فإنها لا تصرف في غير ذلك من شؤون الجمعية لا سيما وأنكم تحصلون على دعم من الدولة لتسيير نشاط الجمعية، ولديكم كوبونات متنوعة تعرض على المتبرعين منها، كما ذكرتم تبرعات خاصة بأنشطة الجمعية ـ لتغطية الأنشطة والمصروفات ـ فإذا اختار المتبرع كوبون علاج المرضى علُم أنه يريد هذا المصرف لا سواه، فيلزمكم الاقتصار عليه.

وراجع تتميماً للفائدة الفتوى رقم: 50816.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني