الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرض من الأعذار المبيحة للتخلف عن جماعة المسجد

السؤال

إخواني الكرام: عندي أمراض عديدة منها في الفقرات في ظهري، وغيرها في أقدامي وأرجلي، وغير ذلك، مما يسبب لي تعباً وآلاماً في حال بذلت جهداً فوق طاقتي، ويبعد المسجد عن البيت 10 دقائق مشياً، وليست عندي وسيلة نقل أذهب بها إلى المسجد، فأذهب ماشياً، وهذا يسبب لي تعباً وآلاماً كثيرة في ظهري خاصة وفي أرجلي، وعندما أصل المسجد لا أستطيع الوقوف في الصلاة دون فترة راحة ولو لدقائق، فإذا لم تتيسر لي الاستراحة، أو إذا أطال الإمام حتى لو استرحت، فإن ذلك يسبب لي آلاماً فظيعة وأتمنى لو ينته القيام كل لحظة حتى أستريح، وكذلك أهم بالجلوس مرات أثناء القيام، وهذا يسبب لي فقدان الخشوع والتركيز في القراءة، والإمام في صلاة الفجر خصوصاً يطيل ـ وهو لا يقرأ كثيراً، وإنما يقرأ صفحة.... إلى صفحتين في كل الصلاة، ولكنه بطيء جداً، ويكرر كثيراً مما يجعل القراءة تطول، فلا أتحمل القيام كما ذكرت فما هو الواجب؟ وما هو الأفضل لي من الحالات التالية:
1ـ أصلي في البيت مع زوجتي أو مع أحد من أهلي أو بمفردي إن اضطررت وأكون واقفاً في القيام.
2 ـ أذهب إلى المسجد على ما ذكرت، ولكنني قد لا أتحمل وأصلي جالساً وأترك ركن القيام.
3ـ أذهب إلى المسجد وأستمر في المصابرة رغم انشغالي بالآلام عن الصلاة، كما هي حالتي الآن؟.
لا أحب أن أترك الصلاة في المسجد، وصلاتي في البيت محزنة لي، وأشعر بقسوة القلب إن تركت المسجد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشفي الأخ السائل، وأن يثيبه لأجل حرصه على أداء الصلاة في المسجد جماعة، وتألمه لفواتها بسبب مرضه، ولا شك أنه معذور في التخلف عن جماعة المسجد مادام على الحال التي ذكرها حتى عند القائلين بوجوبها في الأصل، وقد ذكر الفقهاء أن المرض عذر مبيح للتخلف عن الجمعة والجماعة، كما قال صاحب الروض: يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ... اهـ.
وأيضا إذا دار الأمر بين الصلاة في المسجد قاعدا وبين أدائها في البيت قائما، فإن أداءها في البيت قائما أفضل، بل ربما يتعين، لأن القيام ركن في الفريضة، وقد ذكر أهل العلم أن مراعاة ما يتعلق بالصلاة نفسها أولى من مراعاة مكان الصلاة، كما قال الإمام النووي في المجموع: الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِ الْعِبَادَةِ. اهــ.
وتثاب ـ إن شاء الله تعالى ـ ثواب الجماعة مادمت حريصا عليها، ولولا المرض لسعيت لها، فقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. رواه البخاري.

واجتهد في أن تصليها جماعة مع أهل بيتك، وراجع الفتوى رقم: 203098.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني