الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يشهد الشهادتين من غير تفكير ولا تعليم ولا بحث

السؤال

هل المسلم يشهد أن لا إله إلا الله من غير تفكير، ومن غير تعليم، ومن غير بحث؟ وهل المسلم يشهد أن محمدا رسول الله من غير تفكير، ومن غير تعليم، ومن غير بحث؟ وهل المسلم يؤمن في جميع أمور الإسلام من غير تفكير، ومن غير تعليم، ومن غير بحث؟
أريد جوابا عن جميع الأسئلة التي سألتها من القرآن الكريم أو أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإسلام دين الفطرة السوية، والحقيقة البينة، والعلم النافع، والعقل الناصع، فلا يُستغرب أن يُقبِل الإنسان عليه ويَقبله: عقيدةً وشريعةً، دون تردد، وبغير حاجة إلى انتظار وتربص! فإن عرضت له بعد ذلك شبهة، أو أشكل عليه شيء من الدين، فهو مدعوٌّ لسؤال أهل العلم، والتفكر في جوابهم، وفي نصوص الشريعة الغراء كتابًا وسنة، ليجد ما يغنيه ويكفيه، ويبصِّره ويهديه، ويشفي صدره ويرويه. ولا يزال المسلم يتعلم دينه، ويتفكر في أدلته، ويتدبر نصوصه.
ولا يخفى أن العقل السليم يقبل الحق ابتداءً، ولا يزيده التفكر فيه إلا إقبالًا عليه وتمسكًا به. وهنا ننبه على أن الدين الحق لا يمكن أن يعارضه عقل راجح، ولا واقع واضح. وما يشتبه على المرء في ذلك، فإما أن يكون من خلل في فهم الدين، أو إدخال ما ليس من الدين فيه، وإما أن يكون من خلل في العقل والتصور. وأما الدين الصحيح فلا يمكن أن يعارضه العقل السليم. ولبيان دور العقل في الدين يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 182599. ولمزيد الفائدة نرجو الرجوع إلى الفتوى رقم: 209149.
وإذا تقرر ذلك؛ فنقول في جواب هذا السؤال: من وُلِد بين أبوين مسلمين، وبقي على فطرته السليمة، ولم تعرض له شبهة، تجده يشهد شهادة الحق: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ويقبل أحكام الإسلام كلها، دون حاجة إلى بحث ونظر وتفكر، وإن فعل ذلك فلن يزداد إلا إيمانًا. وأما من ولد بين أبوين كافرين، أو عرضت له شبهة ليس لها عنده من دافع، فهذا يحتاج إلى تفكر ونظر، أو بالأحرى إلى سؤال أهل العلم الذين ينفون عنه تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، كما قال رب العالمين: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 43]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العِيّ السؤال. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وصححه الألباني. والعِيّ هو الجهل. وقال ابن عبد البر في (التمهيد): يلزم كل مؤمن ومؤمنة إذا جهل شيئا من أمر دينه أن يسأل عنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني