الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بقوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"

السؤال

أرى كثيرًا من الناس يضع في منزله صورة فيها قوله تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى"، وهذا جيد, حيث يضعونها لأنهم مقتنعون بما أعطى الله، وراضون به، وللبركة، وأرى أن هذه الآية لا تنطبق إلا على الرسول صلى الله عليه وسلم, فالإنسان بشكل عام لا يرضى، ولا يقتنع بالكثير، ولا يشبع، وبالقليل لا يقنع, وإذا مسه الخير كان منوعًا, وإذا مسه الشر كان جزوعًا, وخلق الإنسان هلوعًا, وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثًا، ولا يملأ فمه إلا التراب"، فمن خلال هذه الأمور أرى أن الآية تختص بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تنطبق على الناس, خاصة أنها تقول: "ولسوف يعطيك ربك فترضى" يعني أنه -100% - سيعطيه ويرضى, ولكن معظم الناس لا يرضى، فلا الفقير راضٍ بفقره، ولا الغني راضٍ بغناه, فهي خاصة لا تعم، وما يقوم به الناس من تعليق الصورة عندهم في المنزل, ما هو إلا تقليد، أو عادة دون تعقّل، وفهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر المفسرون أن المقصود بقوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى {الضحى:5}، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا الإعطاء يكون في الآخرة، فقد جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ما يفيد ذلك، وأنه سبب نزول هذه الآية، قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره: وَقَوْلُهُ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ـ أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ يُعْطِيهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ فِي أُمَّتِهِ، وَفِيمَا أعدَّه لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ نَهْرُ الْكَوْثَرِ الَّذِي حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، وَطِينُهُ مِنْ مِسْكٍ أَذْفَرَ، كَمَا سَيَأْتِي، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عمر الْأَوْزَاعِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر المخزومي، عن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ كَنْزًا كَنْزًا، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ـ فَأَعْطَاهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ أَلْفَ قَصْرٍ، فِي كُلِّ قَصْرٍ مَا يَنْبَغِي لَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ، وَالْخَدَمِ ـ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: ومثلُ هَذَا مَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ. انتهى.

فتبين أن هذه الآية لا تنطبق على غير النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الإعطاء المرضي يكون في الآخرة، وراجع الفتوى رقم: 173505.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 106972، في تعليق آيات من القرآن على الجدران.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني