الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تحويل مبلغ لحساب الشركة لتشارك في المناقصة بفائدة معينة

السؤال

عندنا في البلاد عندما تريد الدولة مشروعًا معينًا -كبناء الطرق مثلاً، أو بناء العمارات- تعلن عن هذا المشروع للشركات، وتجعل مثل المنافسة بينها، ومن شروط المشاركة في المنافسة أن تحوّل كل الشركة مبلغًا معينًا على الحساب البنكي للدولة؛ كي تري أن الشركة لديها قدرة مالية على إنجاز المشروع، ثم تتم المنافسة، وتختار الدولة إحدى الشركات، ثم ترد تلك المبالغ المحولة إليها لجميع الشركات، وتعطي الشركة الفائزة مبالغ كبيرة للقيام بالمشروع، والسؤال هو: بعض الشركات لديها القدرة على الإنجاز، لكنها أحيانًا -بسبب أنه ليس لديها في الحساب مبلغ كاف يسمح لها بالمشاركة، أو ليس لها ما تحوله إلى حساب الدولة ابتداءً- تقول لبعض التجار: حوّل المبلغ المعين لحسابنا، ولن نستخدم هذا المال، لكنه يكون في حسابنا ليسمح لنا بالمشاركة في المنافسة، ثم نعطيك مبلغًا محددًا على هذه الخدمة، فما هو التكييف الفقهي لما يحوّله التاجر لهذه الشركة؟ وهل يعد قرضًا فيكون هذا العقد ربويًا؟ وماذا لو كان مع غير البنك، كما لو قالت الشركة لشخص: أحضر حقيبة فيها مبالغ معينة، ندخل بها في مجلس المنافسة، ثم نردها إليك؟ وما المخرج الشرعي لربح التاجر؟ وهل يجعل نفسه شريكًا للشركة، ويتفق على جزء من الربح، والربح قد يتأخر بالسنين؛ لأن المشروعات كبيرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكر من كون الشركة تأخذ مبلغًا من التاجر على أن تعطيه مبلغًا محددًا هو عين الربا؛ لأن الشركة في هذه الحالة أخذت قرضًا من التاجر على أن ترده له بفائدة، فالتاجر سيأخذ في النهاية ما أعطى للشركة، ثم يأخذ مبلغًا زائدًا هو الفائدة، فهذا لا يجوز إطلاقًا، جاء في أسنى المطالب: قوله: كل قرض جر منفعة، فهو ربا، أي: شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة. اهـ.

ويستوي في هذا ما إذا طلبت من التاجر تحويل المبلغ إلى حسابها في البنك، أو قالت له: أحضر لنا مبلغًا.. إلخ، وهذا جواب عن قولك: وماذا لو كانت العملية مع غير البنك، كما لو قالت الشركة لشخص: أحضر حقيبة فيها مبالغ معينة ندخل...

أما قولك: وما المخرج الشرعي لربح التاجر؟ وهل يجعل نفسه شريكًا للشركة، ويتفق على جزء من الربح، والربح قد يتأخر بالسنين؛ لأن المشروعات كبيرة:

فالجواب أن المخرج الشرعي للتاجر أن يكون شريكًا حقيقيًا للشركة في هذا المشروع، فيشارك بمبلغ محدد، وكذلك الشركة تشارك بمبلغ محدد، ويحكم هذه الشراكة من مبتداها إلى منتهاها أحكام الشركة الشرعية، وعلى رأس هذه الأحكام عدم ضمان رأس المال في حالة الخسارة، وكذا عدم ضمان ربح محدد للشريك، بل يتفقان على نسبة شائعة من الربح إن حصل، ويمكنه أن يجري معهم بيع مرابحة، بحيث يبيع لهم شيئًا بالآجل، ثم يقومون هم ببيعه، ووضع ثمنه في الحساب المذكور، وانظر الضوابط الشرعية لبيع المرابحة للآمر بالشراء في الفتاوى التالية أرقامها: 1608، 12927، 45858، 72004.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني