الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر المرأة فراش زوجها بسبب عدم توفير سكن مستقل

السؤال

أنا شاب متزوج منذ أشهر من فتاة ذات خلق ودين -والحمد لله-، ومشكلتي هي كالتالي: في البداية قبل أن أقوم بخطبة هذه الفتاة كان لدي منزل مستقل عن والدي، ولكن نتيجة لظروف الحرب في سوريا ذهب منزلي المستقل، وكذلك منزل أهلي، وأصبحنا دون مأوى؛ مما يجعلني أسافر وأعيش في الغربة, ومن ثم قمت بخطبة فتاة، واتفقنا على أن يتم الزواج في منزل واحد مع أهلي –أبي، وأمي، وأختي فقط- ولم يحصل أي خلاف في مرحلة الخطبة، ومن ثم تزوجنا، ونحن الآن في الغربة تحت ظروف عمل صعبة قليلًا، ونكسب القليل نسبيًا -والحمد لله- على ذلك, ولا يوجد أي مشاكل بين زوجتي وبين أهلي، حتى إن زوجتي تقول لي دائمًا بأن أهلي يعاملونها معاملة ترضي الله، وكأنها ابنتهم، ويؤمنون لها القدر الكافي من الراحة -والحمد لله- بدون مشاكل.
ولكن جاء والد زوجتي الآن يطالبني بمنزل مستقل في ظروف الحرب، والغربة التي نعيشها، وهذا خارج استطاعتي حاليًا، رغم أنني أعمل أنا ووالدي أكثر من 10 ساعات، إلا أننا لا نستطيع تأمين سكن مستقل لي، وآخر لأهلي، فجميعنا يعيش في منزل واحد بغرفتين فقط, وزوجتي الآن تطالبني بمنزل مستقل؛ خوفًا من غضب والدها عليها، أو أنها تريد الطلاق.
حاولت إقناع زوجتي ووالدها باللين، ولكن ذلك لم ينفع، وعندما تقتنع زوجتي يأتي والدها ليجبرها على أن لا ترضى بالسكن مع أهلي, وزوجتي الآن في منزل أهلها، ووالدها يطلب مني الطلاق، أو تأمين سكن مستقل، فما الحكم الشرعي في هذه الحالة؟ وما الحكم الشرعي في امتناع زوجتي عن المعاشرة الجنسية حتى يتم تأمين منزل مستقل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسكن المستقل حق للزوجة، ويكون حسب حال الزوجة، وقدرة الزوج، وراجع الفتوى رقم: 6418.

وما دمتم في هذا الظرف من الضيق، وكانت زوجتك راضية بما هي فيه، فما كان ينبغي لأبيها التدخل، وتحريضها على طلب مسكن مستقل.

فإن كنت لا تزال في عسر، فاجتهد في محاولة إقناع زوجتك، ووالدها بالصبر حتى ييسر الله الأمر، فإن رضيت زوجتك -وهي بالغة رشيدة- وأسقطت هذا الحق، فذلك لها، وليس لوليها إجبارها على المطالبة به؛ قال الرحيباني في مطالب أولي النهى عند الكلام عن الشروط في النكاح: فإن أسقطت حقها من الشرط، يسقط مطلقًا، قال في الإنصاف: إنه الصواب. اهـ.

وطاعتها لوالدها لا تجب فيما فيه ضرر عليها، وانظر الفتوى رقم: 76303.

وأما هجرها فراش الزوجية حال عدم قيامك بحقها: فلا حرج عليها في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 255364.

وفي نهاية المطاف: إن لم يحصل الوفاق، واستحالت العشرة، فانظر في أمر الطلاق، فقد تترجح مصلحته أحيانًا، ويغني الله بعده كلًّا من الزوجين من فضله، قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}، قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني