الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من قال له أبوها سأبني لك شقة، فبنت من مالها فوق شقته والورثة ينازعونها

السؤال

أبي -رحمه الله- اشترى قطعة أرض، وبنى عليها منزلا مكونا من طابق واحد، نعيش فيه جميعا، مع العلم أن لي أخا واحدا، وأربع أخوات.
وسافرت قبل زواجي للعمل في الخارج، فقال لي أبي سأبني لك شقة لكي تتزوجين فيها، وفعلا أرسلت لأبي المال لكي يبني لي شقة، ويشهد الله أني بنيت شقتي من مالي الخاص، ولم يساعدني أحد في بنائها لا أبي، ولا أخواتي.
وعندما أراد أخي أن يتزوج، بنى هو الآخر شقة فوق شقتي من ماله الخاص، ولم يساعده أحد في بناء شقته لا أبي، ولا أخواته، وأصبح البيت مكونا من ثلاثة طوابق: شقة لأبي، في الدور الأرضي، وشقة لي، في الدور الثاني، وشقة لأخي، في الدور الثالث.
وبعد وفاة أبي تريد أخواتي أن يبعن البيت، ويأخذن ميراثهن في البيت المكون من ثلاثة طوابق كاملا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فهل تكون هذه القسمة عادلة شرعا، وما هي القسمة العادلة شرعا حتى لا أَظلم ولا أُظلم؟
أفتونا أفادكم الله.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كان والدك قد صرح لك بهبة الهواء -الذي بنيت عليه أنت، وأخوك الشقة- لكما، فإن ما بنيتماه يعتبر ملكا لكما، ولا يدخل في الميراث، وإذا نازعك الورثة في ادعاء أن والدك وهب لك الهواء، أو نازعوك في دعوتك أنك بنيتها بمالك الخاص، فأنت مطالبة بإقامة البينة على دعواك؛ إذ الأصل أن ما بُنِيَ فوق ملك الإنسان أنه ملك له، وبناه بماله، وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. رواه الترمذي.
وإذا لم يصرح لك والدك بهبة الهواء، فإن مجرد الإذن بالبناء لا يعتبر تمليكا أو هبة، والشقة التي بنيتها أنت، والشقة التي بناها أخوك، كلاهما تعتبران حينئذ عارية تنتهي بموت أبيك، بمعنى أن والدكما أعاركما الهواء للبناء عليه. فإذا مات والدكما فإن العارية تنتهي، إلا إذا كانت المدة بين بنائك الشقة، وبين موت أبيك، قليلة دون المدة المعتادة في الاستفادة من الشقق، فإن العارية تستمر إلى المدة المعتادة عرفا، كما بيناه في الفتوى رقم: 75036.

وعند انتهاء مدة العارية -سواء قلنا بموت الأب، أم بانتهاء المدة المعتادة بعد وفاته- يدفع الورثة لك قيمة الشقة منقوضة، أو قائمة على قولين، وكذا يدفعون لأخيك قيمة شقته قائمة، أو منقوضة، وتصير الشقتان للورثة جميعا، وقد فصلنا في هذه المسألة في فتاوى سابقة، فانظري الفتوى رقم: 32937، والفتوى رقم: 106557، والفتوى رقم: 236182 وهذه الأخيرة فيها كلام الفقهاء فيما تقوّم بها الشقة هل تقوّم قائمة أم منقوضة؟ وعند الاختلاف لا بد من الفصل عند القضاء الشرعي، ولا تكفي مجرد فتوى قد لا تروق لأحد المتنازعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني