الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تزوجت بنية التحليل

السؤال

كنت في منزل أهلي وتشاجرت أنا وزوجي عبر الهاتف وطلقني الطلقة الأولى وأنا في الأشهر الأولى من الحمل، وبعد 5 أشهر ردني بعد أن حلل، وبعد 4 أشهر وبعد أن أنجبت طفلي صارت مشاكل مع أهله فأخدني إلى بيت أهلي، وفي نفس الليلة هددني بأنني إذا لم أرجع معه فسوف يطلقني، فتشاجرنا بالكلام وقلت لن أرجع فقال غاضبا إذا أنت طالق، وفي نفس الوقت قلت سأرجع معك، ورجعت في نفس الليلة وأعطاني هدية، مع العلم أن زوجي لديه توتر في الأعصاب، ومر وقت، ثم جرت مشاكل، فطلقني مرة أخرى، ولكنني لم أسمعه يلفظ كلمة أنت طالق، فهل يجوز أن أرجع لزوجي؟ وهل تعد الطلقة الثانية طلقة أم لا؟ لأنها كانت متعلقة بشرط وقد طبقت الشرط بالرجوع معه، وإن كنت لا أستطيع فهل يجوز أن أتزوج من رجل آخر، ثم أطلق وأرجع إلى زوجي دون الاتفاق مع الرجل الثاني أنه سيكون محللا؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقول زوجك: إذاً أنت طالق ـ ليس تعليقاً للطلاق، بل هو طلاق صريح ناجز، وكونه كان غاضباً أو متوتر الأعصاب، لا يمنع وقوع طلاقه ما دام تلفظ به مدركاً غير مغلوب على عقله، قال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ...

وبخصوص الطلقة الأخيرة: فلا عبرة بعدم سماعك لفظ الطلاق منه، فإنّ نفوذ الطلاق لا يتوقف على سماع الزوجة لفظ الطلاق، بل يقع الطلاق ولو لم تعلم به الزوجة.
وعليه، فالظاهر لنا من سؤالك أنّ زوجك طلقك ثلاث تطليقات متفرقات، وبذلك تكونين بائنة منه بينونة كبرى، فلا يملك رجعتك إلا إذا تزوجت زوجاً غيره ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقك الزوج الجديد بعد الدخول أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه، وأما زواج التحليل: فباطل، لا يصحّ، ولا يُحلّ لك الرجعة لزوجك الأول، وانظري الفتوى رقم: 38431.

لكن إذا تزوجت بنية التحليل من غير اشتراط في العقد ولم يكن الرجل نوى بزواجه التحليل، فالعقد صحيح، وإذا طلقك بعد أن تم الدخول فلك أن تتزوجي بزوجك الأول، لأنّ المعتبر نية الزوج لا نية الزوجة، قال ابن قدامة رحمه الله: وإن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج، لم يؤثر ذلك في العقد، وقال الحسن، وإبراهيم: إذا هم أحد الثلاثة، فسد النكاح، قال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك، قال أحمد: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله المحلل والمحلل له ـ ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج، لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة: فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني