الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط صحة الطلاق من حيث المطلِق والمطلقة والصيغة

السؤال

ماهي شروط صحة قسم الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن شروط صحة الطلاق منها ما يتعلق بالمطلِّق، ومنها ما يتعلق بالمطلقة، ومنها ما يتعلق بالصيغة، وإليك ذكر بعض ذلك بإيجاز:
أولاً الشروط المتعلقة بالمطلِّق ليقع طلاقه، وهي:
الشرط الأول: أن يكون زوجاً، والزوج هو من بينه وبين المطلقة عقد زواج صحيح.
الشرط الثاني: البلوغ: ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وقوع طلاق الصغير مميزاً أو غير مميز، مراهقاً أو غير مراهق، أذن له بذلك أم لا، أجيز بعد ذلك من الولي أم لا، خلافاً للحنابلة في الصبي الذي يعقل الطلاق فقالوا: إن طلاقه واقع على أكثر الروايات عن الإمام أحمد، أما من لا يعقل فوافقوا الجمهور في أنه لا يقع طلاقه.
الشرط الثالث: العقل: ذهب الفقهاء إلى عدم صحة طلاق المجنون والمعتوه، واختلفوا في وقوع طلاق السكران.
الشرط الرابع: القصد والاختيار، والمراد به هنا: قصد اللفظ الموجب للطلاق من غير إجبار. وقد اتفق الفقهاء على صحة طلاق الهازل. أما المخطئ والمكره والغضبان والسفيه والمريض فقد اختلف الفقهاء في صحة طلاقهم.
ثانياً: الشروط المتعلقة بالمطلقة، فيشترط في المطلقة ليقع الطلاق عليها شروط وهي:
الشرط الأول: قيام الزوجية، حقيقة أو حكماً. على خلاف في بعض الصور والحالات الداخلة تحت هذا الشرط.
الشرط الثاني: تعيين المطلقة بالإشارة أو بالصفة أو بالنية. وقد اتفق الفقهاء على اشتراط تعيين المطلقة.
ثالثاً: الشروط المتعلقة بصيغة الطلاق، وصيغة الطلاق هي: اللفظ المعبر به عنه، إلا أن يستعاض عن اللفظ في أحوالٍ بالكتابة أو الإشارة، ولكلٍ من اللفظ والكتابة والإشارة شروط لا بد من توافرها فيه، وإلا لم يقع الطلاق.
وعلى هذا.. فالشروط المتعلقة بصيغة الطلاق منها ما يتعلق باللفظ، ومنها ما يتعلق بالكتابة، ومنها ما يتعلق بالإشارة.
أما شروط اللفظ المستعمل في الطلاق فهي:
الشرط الأول: القطع أو الظن بحصول اللفظ وفهم معناه، والمراد هنا: حصول اللفظ وفهم معناه، وليس نية وقوع الطلاق به، وقد تكون نية الوقوع شرطاً كما سيأتي في الكناية، وعلى ذلك.. فلو لُقن أعجمي لفظ الطلاق وهو لا يعرف معناه فقاله لم يقع به شيء.
الشرط الثاني: نية وقوع الطلاق باللفظ، وهذا خاص بالكنايات من الألفاظ، أما الصريح فلا يشترط لوقوع الطلاق به نية الطلاق أصلاً، واستثنى المالكية بعض ألفاظ الكتابة، حيث أوقعوا الطلاق بها من غير نية كالصريح، وهي الكنايات الظاهرة، كقول المطلق لزوجته: سرحتك، فإنه في حكم طلقتك، ووافقهم البعض.. إلخ.
ويمكنك مراجعة تفاصيل ذلك في كتاب المغني لـ ابن قدامة، والموسوعة الفقهية الكويتية.
ولعل من المناسب هنا أن نذكر لك حكم الطلاق بإيجاز كما أورده الشيخ السيد سابق في فقه السنة حيث قال: اختلفت آراء الفقهاء في حكم الطلاق، والأصح من هذه الآراء رأي الذين ذهبوا إلى حظره إلا لحاجة، وهم الأحناف والحنابلة، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لعن الله كل ذواق مطلاق.. ؛ ولأن في الطلاق كفراً لنعمة الله، فإن الزواج نعمة من نعمه، وكفران النعمة حرام، فلا يحل إلا لضرورة، ومن هذه الضرورة التي تبيحهُ أن يرتاب الرجل في سلوك زوجته، أو أن يستقر في قلبه عدم اشتهائها، فإن الله مقلب القلوب، فإن لم تكن هناك حاجة تدعو إلى الطلاق يكون حينئذ محض كفران نعمة الله وسوء أدب من الزوج، فيكون مكروهاً محظوراً.
وللحنابلة تفصيل حسن، نجملة فيما يلي: فعندهم قد يكون الطلاق واجباً، وقد يكون محرماً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مندوباً إليه. فأما الطلاق الواجب: فهو طلاق الحكمين في الشقاق بين الزوجين، إذا رأيا أن الطلاق هو الوسيلة لقطع الشقاق. وكذلك طلاق المولي بعد التربص، مدة أربعة أشهر لقول الله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227].
وأما الطلاق المحرم: فهو الطلاق من غير حاجة إليه، وإنما كان حراماً لأنه ضرر بنفس الزوج، وضرر بزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراماً مثل: إتلاف المال، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
وفي رواية أخرى عن أحمد أن هذا النوع من الطلاق مكروه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. وفي لفظ: ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق. ، وإنما يكون مبغوضاً من غير حاجة إليه، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالاً؛ ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروهاً.
وأما الطلاق المباح: فإنما يكون عند الحاجة إليه، لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، والتضرر بها، من غير حصول الغرض منها.
وأما المندوب إليه: فهو الطلاق الذي يكون عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة ونحوها، ولا يمكن إجبارها عليها، أو تكون غير عفيفة. قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصاً لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه، وإلحاقها به ولداً ليس هو منه، ولا بأس بالتضييق عليها في هذه الحال، لتفتدي منه، قال الله تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19].
قال ابن قدامة : ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب. قال: ومن المندوب إليه الطلاق في حال الشقاق أو في الحال التي تخرج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضرر.
انتهى من فقه السنة 2/207 - 208 . وانظر المغني 7/277 لـ ابن قدامة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني