الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين العزلة والخلطة

السؤال

أحب أن أعتزل، وأكره الخلطة؛ لأني أجد نفسي تخوض في الغيبة، والكذب، مع أني أحاول بشدة ترك ذلك، وكلما قرأت كتاب الكبائر أجد نفسي أقترف الكثير منها؛ ولهذا أحب أن أعتزل من حولي؛ حتى أهذّب نفسي، ولكن أبي يرفض أن أتخذ غرفة لي خاصة في البيت، وعمري 26 عامًا، وأنا طالبة علم -ولله الحمد-، فهل عليّ إثم إذا لم أسمع كلام والدي، ونمت وحدي في غرفة منعزلة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا علمتِ أن جلوسكِ مع أهل بيتك يترتب عليه سماع أمر منكر؛ كسماع غيبة، أو مشاهدة ما يحرم رؤيته في التلفاز -مثلًا-، فإنه يجب عليك القيام بواجب النصيحة أولًا قبل الاعتزال، فإن رأيت منهم استجابة، فلا شك أن المخالطة حينئذ خير من العزلة، ما دمت تؤدين واجب النصيحة، وتجدين استجابة، وإذا لم تجدي منهم استجابة، وأصروا على المنكر، فإن المخالطة التي تعلمين أنها تفسد عليك أمر دينك يجب عليك تركها، ولا يلزم طاعة والدك فيها، وقد قال النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه أحمد.

وقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى عن المفاضلة بين العزلة والخلطة، وفيها ما يغني عن الإعادة هنا، فانظري الفتوى رقم: 280003، والفتوى المحال عليها فيها، وأيضًا الفتوى رقم: 158317.

وطاعة الوالدين تجب فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة فيه على الولد، ومنه يعلم حكم طاعة الأب إذا نهاك عن النوم في غرفة منفردة، فإن لم يكن في ذلك مضرة عليك لزم طاعته؛ لأن الغالب على الأب الشفقة، وأنه يخشى عليك الوحدة والعزلة، ولك في بقية اليوم متسع لتهذيب النفس وإصلاحها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني