الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المؤمن شأنه الإعمار ولو قامت الساعة

السؤال

إذا كان المؤمنون سيموتون بعد قتال اليهود بعد نزول سيدنا عيسى، فأي حكمة من حكم العالم، ونحن المسلمين لن نبني حضارة نفتخر بها أمام الأمم؟
فبعد سيدنا عيسى -عليه السلام- سوف يخرج يأجوج ومأجوج، وبعدهم بعض الفترة الجميلة حيث يعيش الناس في سعادة وأمان، وبعدها علامات الساعة الكبرى، وقبض أرواح المسلمين، فما الحكمة طالما لم نبنِ حضارة نفتخر بها؟ وهل يصح القول بأنه لم يبق من عمر البشرية إلا100عام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما ورد في هذا الشأن: حديث النواس بن سمعان مرفوعًا في ذكر الدجال، ونزول المسيح ابن مريم وقتله للدجال، ثم خروج يأجوج ومأجوج، وموتهم وتطهير الأرض من رجسهم، وفيه: ".. ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل؛ حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم.
ومنه يتبين أن نزول المسيح -عليه السلام-، وقتل الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، من علامات الساعة الكبرى التي يعقبها قبض أرواح المؤمنين، تمهيدًا لقيام الساعة على الأشرار.
وأما السؤال عن الحكمة من وراء ذلك برغم قصر مدته وفناء المؤمنين من الأرض بعده: فيكفي في جوابه الإشارة إلى أن المؤمن من شأنه الإعمار، والإفادة، والسعي بالخير، ولو لم يبق من الدنيا إلا اليسير، كما جاء في حديث أنس مرفوعًا: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل. رواه أحمد، وصححه الألباني. قال المناوي في التيسير: مقصوده الأمر بالغرس لمن يجيء بعد وإن ظهرت الأشراط ولم يبق من الدنيا إلا القليل. اهـ.
وأما مدة ما بقي من الدنيا: فما المسؤول عنها بأعلم من السائل! فعلم الساعة مما استأثر الله تعالى بعلمه، فلا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7553.
ومما ورد في مدة بقاء المسيح بعد نزوله إلى الأرض: حديث أبي هريرة مرفوعًا: ليس بيني وبينه نبي -يعني: عيسى- وإنه نازل؛ فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام؛ فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون. رواه أبو داود، وصححه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني