الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أخذ من مال الزكاة واشترى به جهاز كمبيوتر

السؤال

كنت آخذ من مال الزكاة من أخي، ولم أكن أعرف أن هذا حرام، فاشتريت بعض الأشياء الخاصة، مثل: بعض قطع الكمبيوترـ وشاشة تلفاز بهاـ وسؤالي هو: ما الواجب فعله الآن؟ وهل أتصدق بمبلغ معين، وإذا كان ذلك ممكنًا، فكم تحديدًا - علمًا أن كل مالي تقريبًا 1400 ريال-؟ أم أتخلص من التلفزيون والكمبيوتر - علمًا أن مالي الحالي لا يكفي لشراء جهاز جديد، وشاشة جديدة، لأنه يكلف فوق 4000 ريال، وأنا لا أخرج من المنزل منذ سنوات لمرضي الشديد، ولا أجد شيئًا يسليني بعد قضاء فرائضي، والأذكار، إلا الكمبيوتر- فهل الصدقة تكفي؟ أم أتخلص منه؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بين الله تعالى الأصناف الثمانية المستحقين للزكاة في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.

فمن كان من هذه الأصناف الثمانية فله الأخذ من الزكاة، وحد الفقير الذي يستحق الأخذ من الزكاة مبين في الفتوى رقم: 128146، فانظرها.

فإذا صدق عليك وصف الفقر، بأن كنت لا تجد ما يكفي لحاجاتك الأساسية من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن، ودواء لك، ولمن تلزمك نفقته، فيجوز لك الأخذ من الزكاة، كما يجوز لأخيك دفع زكاته لك، لأن نفقتك غير واجبة عليه، بل إنك ـ حينئذ ـ أولى بزكاته من غيرك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة. أخرجه الترمذي.

وفي حالة ما إذا كنت فقيرًا، وأخذت الزكاة، فيجوز لك أن تشتري بها ما تريد من المباحات، ولو كان من قبيل الترفيه.

أما إن كنت لست فقيرًا، ولا مدينًا، ولا متصفًا بأي وصف من الأوصاف التي ذكرت في الآية، فلا يجوز لك الأخذ من الزكاة.

وإن أخذت منها فإن عليك ـ مع التوبة ـ إرجاع ما أخذت لأخيك، ولا يجزئ عن ذلك التصدق بجزء من مالك، بل لا بد من إرجاع قدر ما أعطيت من الزكاة لأصحابه؛ لأنه لا يحل لك، يقول الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: فإن الأصناف التي سماها الله في كتابه من مستحقي الزكاة هم الذين يجوز دفع الزكاة إليهم، وأما من عداهم فإنه باق على الأصل من حرمة دفع الزكاة إليه، وإذا أخذها فإنه يأخذ مالًا سحتًا حرامًا -والعياذ بالله-. اهـ.

ويقول العلامة الموريتاني محمد مولود في الكفاف:

................................ وامنع على الموهوب ما يعطى لظن

وصف بعلم مثلًا أو بشرف أو حاجة ولم يكن به اتصـف. اهـ.

وحيث كان هذا المال حراًما عليك، فإن حرمته تتعلق بذمتك، أما ما اشتريت به من تلفزيون، أو كمبيوتر، أو نحوه، فلك الانتفاع به، لا سيما بعد أن تخرج قدر ذلك المال، أو تستحل إخوانك منه، وانظر الفتوى رقم: 156981.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني