الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجزئ التصدق عن صاحب الحق ما أمكن إيصال حقه إليه

السؤال

لقد أفدتموني -بارك الله فيكم- في الفتوى رقم: 2545343. ولكن في الشق الثاني من السؤال أجبتموني أنه يجب على الفاعل - وقد أخذ الطعام وتناوله - أن يدفع ثمنه.
فما العمل إن كان لم يتناوله؟ فلقد شك وارتاب في أمره بعد أن أخذه بالفعل للمنزل، ولكن بدلًا من أكله قام بالتصدق بإخراجه على شكل وجبات (وأضاف عليه من طعام بيته الشيء اليسير ليستكمل الوجبات الـ 6)، فهل يجب عليه أن يدفع ثمنه أيضًا؟ وإن كان عليه دفع الثمن، فهل من الممكن أن يتصدق بمبلغ تقريبي (لأن مقدار الطعام المأخوذ غير معلوم المبلغ) بدلًا من أن يدفعه للمطعم؟ لأن في دفعه المبلغ التقريبي للمطعم مضرة الفضيحة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسواء تناولت الطعام أو تصدقت به -كما ذكرت-، فيجب عليك لصاحبه قيمته، ولا يكفي التصدق بالمبلغ عنه.

لكن إن خشيت الفضيحة والوقوع في الحرج، فيمكن أن توصلي المبلغ إليه بطريقة غير مباشرة؛ يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فإذا سرقت من شخص أو من جهة ما سرقة، فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه، وتبلغه وتقول: إن عندي لكم كذا وكذا. ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه، لكن قد يرى الإنسان أن هذا أمر شاق عليه، وأنه لا يمكن أن يذهب -مثلًا- إلى شخص ويقول: أنا سرقت منك كذا وكذا، وأخذت منك كذا وكذا. ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم -مثلًا- عن طريق آخر غير مباشر؛ مثل: أن يعطيها رفيقًا لهذا الشخص وصديقًا له، ويقول: هذه لفلان. ويحكى له قصته، ويقول: أنا الآن تبت إلى الله -عز وجل-، فأرجو أن توصلها إليه.. وإذا فعل ذلك فإن الله يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجًا، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا -فييسر الأمر.. اهـ.

فلتبحث -إذن- عن طريقة مناسبة توصل بها الحق إلى صاحبه، مع الاجتهاد في تقدير قيمة الطعام، والاحتياط في ذلك إبراء لذمتك، ولتستعن بالله ولا تعجز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني