الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الغسل وحكم تقليد ابن تيمية في ترجيحاته

السؤال

هل المسائل التالية عليها إجماع في الغسل: صحة الغسل إذا تم تعميم البدن واستيعاب أصول الشعر دون وضوء قبله، وأيضاً عدم بطلان الغسل بخروج بول أو غائط أو ريح أثناء الغسل؟ وهل يتوضأ أو يعيد الوضوء إذا أراد الصلاة؟ وهل تقليد شيخ الإسلام ابن تيمية يعتبر عدم خروج عن المذاهب الأربعة؟ أم أن العلماء يعتبرون ترجيحاته مذهبا مستقلا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللإجابة عن هذا السؤال، نقول:

1ـ أجمع العلماء على صحة الغسل إذا تم تعميم جميع البدن دون وضوء قبله، جاء في المغني لابن قدامة: قال ابن عبد البر: المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ، وعم جميع جسده، فقد أدى ما عليه، لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة، دون الوضوء، بقوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا {المائدة: 6} وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء. انتهى.

2ـ أجمعوا كذلك على عدم بطلان الغسل بخروج بول أو غائط أو ريح أو نحوها مطلقا، لأن المذكورات من نواقض الوضوء وليست من موجبات الغسل، وهذا من الأمور البديهية المعلومة، جاء في مراتب الإجماع: واتفقوا على أن ما عدا الإمناء والإيلاج في فرج أو دبر من إنسي أو بهيمة، ومس الإبط، والاستحداد، ودخول الحمام، ودخول المني في فرج المرأة أو خروجه من فرجها بعد وقوعه، والإمذاء، والحيض، والاستحاضة، والدم كله، والصفرة والكدرة، والحدث في تضاعيف الغسل قبل تمامه مما لو كان في غير غسل لنقض الوضوء فقط، والحجامة، والإسلام، وغسل الميت ومواراته، والإحرام، ويوم الجمعة، لا يوجب غسلا. اهـ.

3ـ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إمام من الأئمة المجتهدين، وله ترجيحات واختيارات من داخل المذاهب الأربعة، وأخرى من خارجها بمعنى أنه أحيانا يرجح في مسألة معينة أحد المذاهب ويختاره، وأحيانا يختار قولا من خارجها بحسب ما ظهر له من أدلة، وقد جمعت اختياراته وحققت، وكان أول من جمعها ورتبها في كتاب مستقل علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي الحنبلي: ت 803هـ، ومع ذلك لا تسمى ترجيحات شيخ الإسلام واختياراته مذهبا مستقلا، وإنما هي اختيارات وترجيحات في مسائل معينة، ظهر له رجحانها، ومن قلده فيها لما عرف عنه من التحقيق وتتبع الدليل مع ما في أقواله من السعة والتيسير، فلا حرج عليه في ذلك، وأما تقليده بقصد تتبع الرخص بحيث يأخذ بقوله في الرخص وينتقل عنه إلى غيره إذا كان في قول الغير رخصة: فهذا هو التقليد المذموم وعلى كل، فإن من قلده فيما هو موافق لأحد المذاهب فإنه يعتبر مقلدا لذلك المذهب، وأما من قلده فيما هو خارج عن المذاهب الأربعة، فلا يعد مقلدا لأحد المذاهب، ولكن لا حرج عليه فيما فعل ما لم يبلغ حد تتبع الرخص كما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني