الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

حديث حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ الذي يذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاه عن بيع ما لا يملك، هل يشمل ذلك النهي بيع الموصوف في الذمة أم لا؟ جزاكم الله خيرًا، وجعل ما تقدمونه من مساعدة للناس في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلفظ حديث حكيم بن حزام الذي تشير إليه هو قوله: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي. رواه الترمذي.

وفي لفظ عند أبي داود، والنسائي: قال: قلت: يا رسول الله؛ يأتيني الرجل فيريد مني البيع، وليس عندي، فأبتاع له من السوق، قال: لا تبع ما ليس عندك.

فالنهي في هذا الحديث منصبّ على بيع المعين قبل أن يمتلكه البائع بالاتفاق؛ لما في بيعه له قبل ملكه من الغرر؛ إذ قد لا يتمكن من امتلاكه: إما لتلفه، وإما لبيع صاحبه له لشخص آخر، وإما لغير ذلك من مفوتاته.

وأما بيع الموصوف في الذمّة، فدخوله في النهي محل خلاف بين أهل العلم: فمنهم من يرى أنه داخل في عموم النهي، وأن السَّلَم مستثنى بالنص؛ ومنهم من يرى أنه غير داخل أصلا، لأن البيع فيه واقع على الوصف، وليس على ذات معينة، والأوصاف لا تفوت فوات الأعيان، قال الخطابي في شرح الحديث في كتابه: معالم السنن: قوله: لا تبع ما ليس عندك. يريد بيع العين دون بيع الصفة. ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عنده في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر. اهـ.

وقال ابن القيم في زاد المعاد: وقد ظنّ طائفة أن السلم مخصوص من عموم هذا الحديث، فإنه بيع ما ليس عنده، وليس كما ظنوه، فإن السلم يرد على أمر مضمون في الذمّة، ثابت فيها، مقدور على تسليمه عند محله، ولا غرر في ذلك، ولا خطر، بل هو جعل المال في ذمّة المسلم إليه، يجب عليه أداؤه عند محله.

فهو يشبه تأجيل الثمن في ذمّة المشتري، فهذا شغل لذمّة المشتري بالثمن المضمون، وهذا شغل لذمّة البائع بالمبيع المضمون، فهذا لون، وبيع ما ليس عنده لون. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 119712، 198689.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني